الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّٰمٍ لِّلْعَبِيدِ } * { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

قوله: { ذٰلِكَ } اسم الإشارة مبتدأ، وقوله: { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ } متعلق بمحذوف خبر، والباء سببية. قوله: (عبر بها) إلخ. دفع بذلك ما يقال إن إذاقة العذاب حاصلة، بسبب ما فعلوا بجميع أعضائهم، فلم خصت الأيدي؟ فأجاب بما ذكر، وبعضهم فسر الأيدي بالقدر جمع قدرة، فيكون المعنى ذلك، بسبب ما قدمته قدرتكم وكسبكم، فإن اليد تطلق ويراد بها القدرة، قال تعالى:يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِ } [الفتح:10]. قوله: { وَأَنَّ ٱللَّهَ } معطوف على { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ } ، والمعنى ذلك بسبب ما قدمت أيديكم، وبسبب { وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّٰمٍ لِّلْعَبِيدِ } ونفي الظلم عن الله كناية عن العدل، فكأنه قال ذلك بسبب الذي قدمته أيديكم، وبسبب عدل الله فيكم. قوله: (أي بذي ظلم) دفع بذلك ما يتوهم من ظاهر الآية، أن أصل الظلم ثابت لله، والمنفي كثرته، فأجاب المفسر بأن هذه الصيغة ليست للمبالغة بل للنسب، قال ابن مالك:

ومع فعل وفعال فعل   في نسب أغنى عن اليا فقبل
وحينئذ فقد انتفى أصل الظلم، بل لا يريده أصلاً، قال تعالى:وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ } [آل عمران: 108] لأن الإرادة لا تتعلق إلا بالجائز، والظلم من الله مستحيل عقلاً، لأن حقيقة التصرف في ملك الغير من غير إذنه، ولا يتصور العقل ملكاً لغير الله. قوله: { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ } الكاف متعلقة بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، قدره المفسر بقوله: (دأب هؤلاء) وهذا تسلية له صلى الله عليه وسلم. قوله: { كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ } تفصيل للدأب وتفسير له، كما قال المفسر. قوله: { فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ } أي أهلكهم، لكن هلاك غير هذه الأمة بالرجفة والزلزلة والكسف والمسح من كل عذاب عام، وهلاك كفار هذه الأمة بالسيف، فالمماثلة في مطلق الهلاك. قوله: { بِذُنُوبِهِمْ } الباء سببية.

قوله: { إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } كالدليل لما قبله. قوله: (أي تعذيب الكفرة) أي بسبب ما قدمت أيديهم. قوله: { بِأَنَّ ٱللَّهَ } الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر عن اسم الإشارة، والجملة تعليل لمجموع المعلول وعلته السابقين. قوله: { لَمْ يَكُ } مجزوم بسكون النون المحذوفة تخفيفاً، قال ابن مالك:

ومن مضارع لكان منجزم   تحذف نون وهو حذف ما التزم
وأصله يكون دخل الجازم فسكنت النون فالتقى ساكنان، حذفت الواو لالتقائهما، ثم حذفت النون تخفيفاً. قوله: (يبدلوا نعمتهم كفراً) أي يتركوا ما يجب للنعم من شكرها والقيام بحقها، ويرتكبوا عدم الشكر، وعدم القيام بحقها، والمعنى يبدولون ما بهم من الحال إلى حال أسوأ منه، فتغيرت نعمة إمهالهم بمعاجلة العذاب لهم. قوله: { وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ } أي لأقوالكم عليم باحوالكم.