الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً } * { وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً } * { وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً } * { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً } * { لِّلطَّاغِينَ مَآباً } * { لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً } * { لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً } * { إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً } * { جَزَآءً وِفَاقاً } * { إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً } * { وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا كِذَّاباً } * { وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً } * { فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً }

قوله: { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ } أي في النفخة الثانية. قوله: (جماعات مختلفة) روي عن معاذ بن جبل: " قلت: يا رسول الله، أرأيت قول الله تعالى { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً }؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معاذ بن جبل، لقد سألت عن أمر عظيم، ثم أرسل عينيه باكياً ثم قال: يحشر عشرة أصناف من أمتى شتاتاً، قد ميزهم الله تعالى من جماعات المسلمين، وبدل صورهم، فبعضهم على صورة القردة، وبعضهم على صورة الخنازير، وبعضهم منكسون أرجلهم فوق وجوههم يسحبون علهيا، وبعضهم عمي مترددون، وبعضهم صم بكم عمي فهم لا يعقلون، وبعضهم يمضغون ألسنتهم فهي مدلاة على صدورهم يسيل القيح من أفواههم لعاباً يتقذرهم أهل الجمع، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم، وبعضهم مصلبون على جذوع من النار، وبعضهم أشد نتناً من الجيف، وبعضهم يلبسون جلابيب سابغة من القطران لاصقة بجلودهم، فأما الذين على صورة القردة فالقتات من الناس يعني التمام، وأما الذين على صورة الخنازير فأهل السحت والحرام والمكس، وأما المنكسون رؤوسهم ووجوههم فأكلة الربا، وأما العمي فهم من يجورون في الحكم، وأما الصم البكم فهم الذي يعجبون بأعمالهم، وأما الذين يمضغون ألسنتهم فالعلماء والقصاص الذين يخالف قولهم فعلهم، وأما المقطعة أيديهم وأرجلهم فالذين يؤذون الجيران، وأما المصلبون على جذوع من النار فالسعاة بالناس إلى السلطان، وأما الذين هم أشد نتناً من الجيف فالذين يتمتعون بالشهوات ويمنعون حق الله من أموالهم، وأما الذين يلبسون الجلابيب فأهل الكبر والفخر والخيلاء ".

قوله: { وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ } عطف على قوله: { فَتَأْتُونَ } وعبر بالماضي لتحقق الوقوع. قوله: (بالتشديد والتخفيف) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (شققت) أشار بذلك إلى أنه ليس المراد بالفتح، ما عرف من فتح الأبواب، بل هو التشقق لموافقة قوله:إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } [الإنشقاق: 1]إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } [الانفطار: 1]، وخير ما فسرته بالوارد. قوله: (لنزول الملائكة) أي لأنهم يموتون بالنفخة الأولى. ويحيون بين النفختين، وينزلون جميعاً، يحيطون بأطراف الأرض وجهاتها، يسوقون الناس إلى المحشر. قوله: { وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ } أي في الهواء بعد تفتيتها. قوله: (هباء) المناسب إبقاء السراب على ظاهره، ويكون المعنى على التشبيه، أي فكانت مثل السراب، من حيث إن المرئي خلاف الواقع، فكما يرى السراب كأنه ماء، كذلك الجبال ترى كأنها جبال وليست كذلك في الواقع لقوله تعالى:وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ } [النمل: 88] والا فتفسير السراب بالهباء لم يوجد في اللغة.

قوله: (راصدة أم مرصدة) أشار بذلك إلى أن { مِرْصَاداً } من رصدت الشيء أرصده إذا ترقبته، فهي راصدة للكفار مترقبة لهم، أو مرصدة بمعنى معدة ومهيأة لهم، يقال: أرصدت أعددت له.

السابقالتالي
2