الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ } * { قُمْ فَأَنذِرْ } * { وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ } * { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } * { وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ } * { وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ } * { وَلِرَبِّكَ فَٱصْبِرْ }

قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ } وقع خلاف طويل في أول ما نزل من القرآن والصحيح إن أول ما نزل على الإطلاقٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ } [العلق: 1] إلىمَا لَمْ يَعْلَمْ } [العلق: 5] وأول ما نزل بعد فترة الوحي { يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ } إلى { فَٱهْجُرْ }. والحاصل: " أنه صلى الله عليه وسلم كان يتعبد في غار حراء؛ فنزل جبريل بآية { ٱقْرَأْ } كما في حديث البخاري، فذهب بها يرجف فؤاده، فقال لخديجة: زملوني، فنزل عليه { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ * قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً } ثم فتر الوحي، فحزن صلى الله عليه وسلم وجلع يعلو شواهق الجبال، ويريد أن يرمي بنفسه، فنودي وهو بغار حراء: يا محمد إنك رسول الله، قال: فنظرت عن يميني ويساري فلم أر شيئاً، فنظرت فوقي، فإذا به قاعد على عرش بين السماء والأرض، يعني الملك الذي ناداه، فرعبت ورجعت إلى خديجة فقلت: دثروني، دثروني، فنزل جبريل وقال: { يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ } " والتدثر لبس الدثار، وهو الثوب الذي فوق الشعار، ما يلي الجسد. قوله: (أدغمت التاء) أي بعد قلبها دالا وتسكينها. قوله: (أي المتلفف بثيابه) أي من الرعب الذي حصل له من رؤية الملك، وقيل: المتدثر بالنبوة والمعارف الإلهية.

قوله: { قُمْ فَأَنذِرْ } إنما اقتصر على الإنذار، وإن كان معبوثاً بالتبشير أيضاً، لأنه في ذلك الوقت، لم يكن أحد يصلح للتبشير إلا ما قل جداً، فلما اتسع الإسلام نزل عليهإِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } [الأحزاب: 45]. قوله: { وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ } أي خص ربك بالتكبير والتعظيم ظاهراً وباطناً، والفاء في هذا وما بعده، لإفادة معنى الشرط، كأنه قال: مهما يكن من شيء فكبر، والمعنى اعتقد أن ربك منزه عن كل نقص، متصف بكل كمال.

قوله: { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } (عن النجاسة) أي لأن طهارة الثياب، شرط في صحة الصلاة، لا تصح إلا بها، وهي الأولى والأحب في غير الصلاة، لأن المؤمن طاهر طيب، لا يليق منه أن يحمل خبيثاً، ففي هذا رد على المشركين، فإنهم كانوا لا يصونون ثيابهم عن النجاسات، فأمره الله تعالى أن يخالفهم في ذلك. قوله: (قصرها) أي لأن تطويل الثياب شأنه أصابة النجاسة، فعبر بالملزوم عن اللاز، وتقصير الثياب مطلوب لما في الحديث: " إزار المؤمن إلى انصاف ساقيه، ولا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين، وما كان على اسفل من ذلك ففي النار، فمن السفه أن يطيل الرجل ثيابه، ثم يتكلف رفعها بيديه " وود: " من جر إزاره خيلاء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة " قال أبو بكر: يا رسول الله، إن أحد شقي إزاري يسترخي، إلا أني أتعهد ذلك منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لست ممن يصنعه خيلاء "

السابقالتالي
2