الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }

قوله: { يَسْأَلُونَكَ } الضمير عائد على أهل مكة كما قال المفسر، لأن السورة مكية إلا ما تقدم من الثمان آيات، وهذا استئناف مسوق لبيان تعنتهم في كفرهم، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يخوفهم من الساعة وأهوالها. قوله: (القيامة) سميت ساعة إما لسرعة مجيئها، قال تعالى:وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ } [النحل: 77] أو لسرعة حسابها، لأن الخلق جميعاً يحاسبون في قدر نصف يوم من نهار، أو لأنها ساعة عند الله لخفتها، وإن كانت في نفسها طويلة، لأن الأزمان عنده مستوية، ولها أسماء كثيرة، منها القيامة القيام الناس لرب العالمين فيها، والقارعة لأنها تقرع القلوب بأهوالها، والحاقة لأنها ثابتة، والخافضة والرافعة لأنها تخفض أقواماً وترفع آخرين، والطامة لأنه لا يمكن ردها، والصامة لأنها تصم الآذان، والزلزلة لتزلزل الأرض والقلوب، ويوم الفرقة لتفرقهم في الجنة والنار، واليوم الموعود لأن الله وعد فيه أقواماً بالجنة، وأوعد أقواماً بالنار، ويوم العرض لعرض الناس على ربهم، ويوم المفر لقول الإنسان يومئذ أين المفر، واليوم العسير لشدة الحساب فيه، وزحمة الناس بعضهم على بعض، حتى يكون على القدم ألف قدم، وفي رواية سبعون ألف قدم على قدم، وتدنو الشمس من الرؤوس حتى يكون بينها وبين الرؤوس قدر المرود، إلى غير ذلك من أسمائها.

قوله: { أَيَّانَ مُرْسَٰهَا } في الكلام استعارة بالكناية، حيث شبه الساعة بسفينة في البحر، وطوى ذكر المشبه به، ورمز له بشيء من لوازمه وهو الإرساء فذكره تخييل، وهذه الجملة من المبتدأ والخبر، بدل من الجار والمجرور قبله، والمعنى يسألونك عن وقت مجيء الساعة وهو في محل نصب، لأن الجار والمجرور في محل نصب معمول ليسألونك. قوله: (متى تكون) أشار بذلك إلى أن الكلام فيه حذف مضاف، والتقدير إنما علم وقتها عند الله. قوله: (على أهلهما) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف، و { فِي } بمعنى على، ويصح أن تبقى الآية على ظاهرها لأنه لا يطيقها شيء من السماوات لطيها، ولا الأرض لتبدلها، فهي شاقة مفزعة لكل ما سوى الله.

قوله: { لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً } أي على حين غفلة، والحكمة في إخفائها ليتأهب لها كل أحد، كما أخفيت ساعة الإجابة يوم الجمعة ليعتنى باليوم كله، وليلة القدر في سائر الليالي، ليعتنى بجميع الليالي، والرجل الصالح في جميع الخلق ليعتقد الجميع، والصلاة الوسطى في جميع الصلوات للمحافظة على الجميع. قوله: { كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا } عن بمعنى الباء، والمعنى كأنك عالم بها ومتيقن لها. قوله: (تأكيد) أي لما قبله لبيان أنها من الأمر المكتوم الذي استأثر الله بعلمه، فلم يطلع عليه أحد إلا من ارتضاه من الرسل، والذي يجب الإيمان به، أن رسول الله لم ينتقل من الدنيا حتى أعلمه الله بجميع المغيبات التي تحصل في الدنيا والآخرة، فهو يعلمها كما هي عين يقين، لما ورد: " رفعت لي الدنيا فأنا أنظر فيها كما أنظر إلى كفي هذه " ، ورد أنه اطلع على الجنة وما فيها، والنار وما فيها، وغير ذلك مما تواترت به الأخبار، ولكن أمر بكتمان البعض.