الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أُمَماً مِّنْهُمُ ٱلصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذٰلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِٱلْحَسَنَاتِ وَٱلسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ ٱلْكِتَٰبَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلأَدْنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِّيثَٰقُ ٱلْكِتَٰبِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلْكِتَابِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُصْلِحِينَ }

قوله: { وَقَطَّعْنَاهُمْ } أي بني إسرائيل الكائنين قبل زمن النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: { وَمِنْهُمْ دُونَ ذٰلِكَ } قدر المفسر (ناس) إشارة إلى أن { دُونَ } نعت لمنعوت محذوف، وهو كثير إذا كان التفصيل بمن، كقولهم: منا ظعن ومنا أقام، أي منا فريق ظعن، ومنا فريق أقام.

قوله: { وَبَلَوْنَاهُمْ بِٱلْحَسَنَاتِ وَٱلسَّيِّئَاتِ } أي اختبرناهم بالعطايا: كالنعم والعافية، والبلايا: كالنقم والأسقام والشدائد، { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } عما هم عليه من الكفر والمعاصي إلى طاعة ربهم، فلم يرجعوا. قوله: { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ } بسكون اللام للشر، وبفتحها للخير، يقال خلف سوء، وخلف صالح، وهذه صفة من كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم إثر بيان صفات أسلافهم. قوله: (التوراة) أشار بذلك إلى أن أل في الكتاب للعهد. قوله: (عن آبائهم) أي أسلافهم سواء كانوا صلحاء أو لا. قوله: { عَرَضَ هَـٰذَا ٱلأَدْنَىٰ } سمي عرضاً لتعرضه للزوال، ففي الكلام استعارة تصريحية، حيث شبه متاع الدنيا بالعرض الذي لا يقوم بنفسه بجامع الزوال في كل، واستعير اسم المشبه به للمشبه.

قوله: { وَيَقُولُونَ } أي زيادة على طعمهم في الدنيا. قوله: { سَيُغْفَرُ لَنَا } أي لأنا أبناء الله وأحباؤه، وشأن الحبيب أن لا يعذب حبيبه. قوله: (مصرون عليه) أي لم يقلعوا عنه، فقد طمعوا في المغفرة مع فقد شروطها، إذ من أكبر شروطها الندم والإقلاع. قوله: { مِّيثَٰقُ ٱلْكِتَٰبِ } أي التوراة، والمعنى أخذ عليهم الميثاق في التوراة، أنهم لا يكذبون على الله، ولا يقولون إلا الحق. قوله: { إِلاَّ ٱلْحَقَّ } صفة لموصوف محذوف مفعول مطلق لقوله: { أَن لاَّ يِقُولُواْ } ، والتقدير أن لا يقولوا على الله إلا القول الحق. قوله: (فلم كذبوا عليه) أي الله.

قوله: { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } الهمزة داخلة على محذوف، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير أتركوا التدبر والتفكر فلا يعقلون. قوله: (بالياء والتاء) أي فهما قراءتان سبعيتان، فعلى الياء يكون إخباراً عنهم، وعلى التاء يكون خطاباً لهم. قوله: (بالتشديد) أي يمسكون غيرهم بالكتاب، ويدلونه طريق الهدى. قوله: (والتخفيف) أي يمسكون: { بِٱلْكِتَابِ } ، بمعنى يهتدون في أنفسهم. قوله: (منهم) أي من بني إسرائيل. قوله: { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ } خصها بالذكر لأنها أعظم أركان الدين بعد التوحيد. قوله: (وفيه وضع الظاهرة موضع المضمر) أشار بذلك إلى أن الرابط هو لفظ { ٱلْمُصْلِحِينَ } ، لقيامه مقام الضمير على حد قول الشاعر: سعاد التي أضناك حب سعاداً، ونكتة ذلك الإشارة إلى شرفهم والاعتناء بهم.