الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ }

قوله: (اذكر) أشار بذلك إلى أن { يَوْمَ } معمول لمحذوف، والجملة مستأنفة لا تعلق لها بما قبلها، وهذا أحد قولين، والآخر أن الظرف متعلق بيأتوا، والمعنى: فليأتوا بشركائهم في ذلك اليوم، تنفعهم وتشفع لهم. قوله: (هو عبارة) الخ، أي هذا التركيب، و { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ } كناية عن الشدة، فأصل هذا الكلام يقال لمن شمر عن ساقه عند العمل الشاق، ويقال إذا اشتد الأمر في الحرب: كشف الحرب عن ساق. وسئل ابن عباس عن هذه الآية فقال: إذا خفي عليكم شيء من القرآن فاتبعوه في الشعر، فإنه ديوان العرب، أما سمعتم قول الشاعر:
سن لنا قومك ضرب الأعناق   وقامت الحرب بنا على ساق
وقال الآخر
ألا رب ساهي الطرف من آل مازن   إذا شمرت عن ساقها الحرب شمرا
وقيل: المراد الحقيقة وعليه فاختلف فقيل: يكشف عن ساق جهنم، وقل: عن ساق العرش، وقيل: يكشف لهم الحجاب فيرون الله تعالى. ففي مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، " أن ناساً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم قال: هل يضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحواً ليس معها سحاب؟ وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحواً ليس فيها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: فما تضارون في رؤية الله تعالى يوم القيامة، إلا كما تضارون في رؤية أحدهما، أذا كان يوم القيامة أذن مؤذن، لنتبع كل أمة ما كانت تعبد، فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار، حتى لا يبقى إلا من كان يعبد الله، من بر وفاجر وغير أهل الكتاب، فتدعى اليهود فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزيراً ابن الله، فيقال: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبه ولا ولد، فماذا تبغون؟ قالوا: عطشنا يا ربنا فاسقنا، فيشار إليهم ألا تردون؟ فيحشرون إلى النار، كأنهم سراب يحطم بعضها بعضاً، فيتساقطون في النار، ثم يدعى النصارى فيقال لهم: ماذا تعبدون؟ قالو: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال لهم: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبه ولا ولد، فيقال لهم: ماذا تبغون؟ فيقولون: عطشنا يا ربنا فاسقنا، فيشار إ ليهم ألا تردون؟ فيحشرون إلى جهنم كأنهم سراب عظيم بعضها بعضاً، فيتساقطون في النار، حتى لا يبقى إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر، أتاهم الله في أدنى صورة من التي رأوه فيها، قال: فماذا تنتظرون؟ لتتبع كل أمة ما كانت تبعد، قالوا: يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، لا نشرك بالله شيئاً، مرتين أو ثلاثاً، حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفوه بها؟ فيقولون: نعم، فيكشف عن ساق، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه، إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء، إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة، كلما أراد أن يسجد خر على قفاه، ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة، فقال: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة ويقولون: اللهم سلم سلم، قالوا: يا رسول الله وما الجسر. قال: دحض مزلقة فيها خطاطيف وكلاليب وحسكة تكون بنجد، فيها شويكة قال لها السعدان، فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير، وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم، ومخدوش مرسل، ومكدوس في نار جهنم، حتى إذا خلص المؤمنون من النار، فوالذي نفسي بيده، ما من أحد منكم بأشد من شدة الله في استفياء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين هم في النار، فيقولون: ربنا كانوا يصومون معنا، ويصلون ويحجون، فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم، فتحرم صورهم على النار، فيخرجون خلقاً كثيراً، قد أخذت النار إلى نصف ساقه وإلى ركبته ثم يقولون: ربنا ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به، فيقال لهم: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً، وثم يقولون: ربنا لم ندر فيها أحداً ممن أمرتنا به، ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون: يا ربنا لم نذر فيها مم أمرتنا به أحداً، ثم يقولن: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون: يا ربنا لم نذر فيها خيراً ".

السابقالتالي
2 3