الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءآؤُاْ مِّنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةُ وَٱلْبَغْضَآءُ أَبَداً حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ } * { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱغْفِرْ لَنَا رَبَّنَآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ }

قوله: { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } لما بين سبحانه وتعالى حال من جعل الكفار أولياء في أول السورة، ذكر مناقضة ابراهيم وقومه، وأن طريقة التبرؤ من أهل الكفر، وألزم أمة محمد بالاقتداء به في ذلك، وفيه توبيخ لحاطب ومن والى الكفار. قوله: (بكسر الهمزة وضمها) أي فهما قراءتان سبعيتان، وقوله: (في الموضعين) أي وهذا قوله الآتي { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } ومعناها عليهما الاتباع والاقتداء ما قال المفسر.

قوله: { فِيۤ إِبْرَاهِيمَ } جار ومجرور متعلق بأسوة، ورد بأنه لا يجوز عمل المصدر الموصوف، وأجيب بأنه يتوسع في الظروف ما لا يتوسع في غيرها، ويصح أنه متعلق بحسنة، تعلق الظرف بالعامل، ويصح أنه نعت ثان لأسوة، وإنما خص التأسي بإبراهيم، لأنه صبر على أذى عدو الله النمروذ، ولم يكن معه أحد يعينه عليه، مع تفرده بملك الأرض مشرقاً ومغرباً. قوله: (قولاً وفعلاً) تمييز مبين لجهة الاقتداء، أي اقتدوا به في القول والفعل، فإنه لم يبال بالكفار، ولا بشدتهم وضعفه، قوله: { وَٱلَّذِينَ مَعَهُ } (من المؤمنين) يحتمل أن المراد بالمعية وهو في أرض بابل، وحينئذ لم يكن معه إلا لوط ولد أخيه، وسارة زوجته، أو المراد بعد مجيئه إلى الشام، وحينما كثر المؤمنون به.

قوله: { إِذْ قَالُواْ } هذا بدل اشتمال من { إِبْرَاهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ } والمراد بقومهم النمروذ وجماعته، أي فبارزوهم بالعداوة ولم يبالوا بهم، مع شدة بأسهم وضعف المؤمنين. قوله: { إِنَّا بُرَءآؤُاْ مِّنْكُمْ } أي من دينكم وآلهتكم. قوله: { وَبَدَا } أي ظهر بيننا وبينكم العداوة على ممر الأزمان، بدليل ذكر الأبد، والعداوة المباينة ظاهراً، والبغضاء المباينة بالقلوب، وفي الحقيقة هما متلازمان. قوله: (بتحقيق الهمزتين) الخ، أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (مستثنى من أسوة حسنة) أي وساغ ذلك، لأن القول من جملة الأسوة، فكأنه قيل لكم فيه أسوة في أفعاله وأقواله، إلا قوله كذا. قوله: (أي فليس لكم التأسي به) أي لأن استغفاره له لرجائه إسلامه، فلما ظهر أنه عدو الله تبرأ منه.

قوله: { وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ } هذه الآية باعتبار معناها الوضعي، تكون من جملة ما يقتدى به فيه، لأن محصلة أنه لا يملك له ثواباً ولا عقاباً، على حد ليس لك من الأمر شيء، وهذا ثابت لإبراهيم وغيره، وليس مراداً هنا، بل المراد معناها الكنائي، وهو أنه لا يملك له غير الاستغفار، فهو غير مقتدى به فيه، وحينئذ فقوله: { وَمَآ أَمْلِكُ } معطوف على { لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ } وأشار المفسر لذلك بقوله: (كنى به) الخ. قوله: (فهو مبني عليه) أي معطوف على { لأَسْتَغْفِرَنَّ } ومرتبط به ساقه اعتذاراً. قوله: (مستثنى من حيث المراد منه) أي وهو المعنى الكنائي.

السابقالتالي
2