الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مُّبِينٍ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّٰكُم بِٱلَّيلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

قوله: { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ } لما بين سبحانه وتعالى أولاً أنه منفرد بإيجاد كل شيء خيراً كان أو شراً لقوله:إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ } [الأنعام: 57] الآية، بين ثانياً أنه منفرد بعلم الغيب بقوله: { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ } فهو كالدليل لما قبله كأنه قال العذاب والرحمة بقدرة الله، ولا يعلم وقت مجيء ذلك إلا الله لأن عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو، وعنده خبر مقدم، ومفاتح الغيب مبتدأ مؤخر، وتقديم الظرف يؤذن بالحصر وهو منصب على الجميع، فلا ينافي أن بعض الأنبياء والأولياء يطلعه الله على بعض المغيبات الحادثة، قال تعالى:عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ٱرْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ } [الجن: 26-27] وأما من قال إن نبينا أو غيره أحاط بالمغيبات علماً كما أحاط علم الله بها فقد كفر. قوله: (خزائنه) أشار بذلك إلى أن مفاتح جمع مفتح بفتح فكسر كمخزن وزنا ومعنى العلوم المخزونة، وقوله: (أو الطرق) أي فهو جمع مفتح بكسر ففتح بمعنى الطرق التي توصل إلى تلك العلوم المخزونة الغيبية { لاَ يَعْلَمُهَآ } أي الخزائن أو الطرق تفصيلاً إلا هو، وأما علمنا فيها فهو على سبيل الإجمال، وهو تأكيد لما علم من تقديم الظرف. قوله: (علم الساعة) أي وقت مجيئها وتفصيل ما يحصل فيها. قوله: (الآية) أي وهي:يُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ } [الشورى: 28] أي المطر، أي لا يعلم وقت مجيئه وعدد قطراته ونفع الناس به إلا الله،وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلأَرْحَامِ } [لقمان: 34]، أي من كونه ذكراً أو أنثى شقياً أو سعيداً يعيش أو يموت.وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً } [لقمان: 34] أي لا تعلم نفس ما يعرض لها في المستقبل من خير أو شر، وغير ذلك من الأحوال التي تطرأ على الأنفس، قال الشاعر:
وأعلم علم اليوم والأمس قبله   ولكنني عن علم ما في غد عمى
وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ } [لقمان: 34] أي بأي محل يكون قبض روحها فيه أو دفنها فيه، إن الله عليم خبير ببواطن الأشياء كظواهرها، وهذا التفسير لابن عباس، وقال الضحاك ومقاتل: مفاتح الغيب خزائنه الخفية في الأرض، والأقرب والأتم أن المراد بمفاتح الغيب الأمور المغيبة الخفية جميعها كانت الخمسة أو غيرها. قوله: { مَا } (يحدث) { فِي ٱلْبَرِّ } أي من خير أو شر. قوله: (القرى التي على الأنهار) أي فيعلم رزق أهلها وعددهم وغير ذلك، وقال جمهور المفسرين: المراد البر والبحر المعروفان، لأن جميع الأرض إما بر أو بحر، وفي كل عوالم وعجائب وسعها علمه وقدرته.

قوله: { وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ } أي من الشجر إلا يعلمها، أي وقت سقوطها والأرض التي تسقط عليها. قوله: { وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلأَرْضِ } أي هي والتي يضعها والزارع للنبات فيعلم موضعها وهل تنبت أو لا، وقيل المراد بالحبة التي في الصخرة التي في الأرض التي قال فيها الله يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله وكل صحيح.

السابقالتالي
2