الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ ذٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } * { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ ٱللَّهِ أَوْفُواْ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }

قوله: { قُلْ تَعَالَوْاْ } لما أقام الله سبحانه وتعالى الحجة على الكفار، بأنه تحليل ولا تحريم إلا بما أحله الله أو حرمه كأن سائلاً قال: وما الذي حرمه وأحله؟ فقال سبحانه: { قُلْ تَعَالَوْاْ } الخ، وتعالوا فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعل، وهو في الأصل موضوع لطلب ارتفاع من مكان سافل إلى مكان عال، ثم استعمل في الاقبال والحضور مطلقاً، وآثرها إشارة إلى أنهم في أسفل الدركات، وهو يطلبهم للرفع والعلو من أخس الأوصاف إلى أكملها وأعلاها، كأنه قال اقبلوا إلى المعالي، لأن من سمع أحكام الله وقبلها بنصح، كان في أعلى المراتب. قوله: { أَتْلُ } جواب الأمر مجزوم بحذف الواو، والضمة دل عليها، وقيل جواب لشرط محذوف تقديره إن تأتوا أتل، أي اقرأ ما حرم الله عليكم.

قوله: { مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ } ما اسم موصول، وحرم صلته، والعائد محذوف، وربكم فاعل حرم، وقوله: { عَلَيْكُمْ } تنازعه كل من أتل وحرم، أعمل الثاني، واضمر في الأول وحذف لأنه فضلة. وحاصل ما ذكر في هاتين الآيتين عشرة أشياء: خمسة بصيغ النهي، وخمسة بصيغ الأمر، وقدم المنهي عنه لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ولأن المنهي عنه مأمور باجتنابه مطلقاً، والمأمور به على حسب الاستطاعة لما في الحديث " ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فائتوا منه ما استطعتم " ووسط بينهما الأمر ببر الوالدين اعتناء بشأنه، لكونه أعظم الواجبات بعد التوحيد، وهذه العشرة لا تختلف باختلاف الأمم والأعصار، بل أجمع عليها جميع أهل الأديان، قال ابن عباس: هذه آيات محكمات، لم ينسخهن شيء في جميع الكتب، وهن محرمات على بني آدم كلهم، وهن أم الكتاب، من عمل بهن دخل الجنة، ومن تركهن دخل النار. قوله: { أَنْ } (مفسرة) أي وضابطها موجود، وهو أن يتقدمها جملة فيها معنى القول دون حروفه، واستشكل بأن هذا يقتضي أن جميع ما يأتي محرم، مع أن بعضه مأمور بفعله على سبيل الوجوب. أجيب بأجوبة منها: أن التحريم في المنهي عنه ظاهر وفي المأمور به باعتبار أضدادها، فالمعنى حرم فعلاً وهي المنهيات، أو تركاً وهي المأمورات، ومنها أن في الكلام حذف الواو مع ما عطفت، والتقدير ما حرم ربكم عليكم وما أمركم به، ثم فرع بعد ذلك على المذكور والمحذوف، والأقرب الأول.

قوله: { أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً } أي لا في الأقوال، ولا في الأفعال، ولا في الاعتقادات. قوله: { إِحْسَاناً } مفعول مطلق لفعل محذوف قدره المفسر بقوله: (أحسنوا) والمراد بالوالدين الأب والأم وإن علياً. قوله: (بالوأد) تقدم أنه الدفن بالحياة. قوله: { مِّنْ إمْلاَقٍ } يطلق بمعنى الفقر والافلاس والافساد، والمراد هنا الأول. قوله: نحن { نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ } هذا في معنى التعليل للنهي المتقدم، والمعنى لا تقتلوا أولادكم من أجل حصول فقر، لأن رزقكم ورزقهم علينا لا غيرنا، وقال هنا: { مِّنْ إمْلاَقٍ } ، وقال في الإسراء:

السابقالتالي
2 3