الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ } * { قُلْ يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ مَّآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّابِئُونَ وَٱلنَّصَارَىٰ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

قوله: { يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ } سبب نزولها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث ضاق ذرعاً لعلمه أن قوماً يكذبونه ولا بد، فنزلت الآية تسلية له، وفي ندائه بيا أيها الرسول شهادة له بالرسالة، وأل في الرسول للعهد الحضوري، أي الرسول الحاضر وقت نزولها، وهو محمد صلى الله عليه وسلم. قوله: (جميع) قدره إشارة إلى أن ما اسم موصول بمعنى الذي، ولا يصح تقديره نكرة، لأنه يصدق بتبلي البعض مع أنه غير مكلف، واعلم أن ما أوحي إلى رسول الله، ينقسم إلى ثلاثة أقسام: ما أمر بتبليغه وهو القرآن والأحكام المتعلقة بالخلق عموماً فقد بلغه ولم يزد عليه حرفاً ولم يكتم منه حرفاً ولو جاز عليه الكتم لكتم آيات العتاب الصادرة له من الله، كآية عبس وتولى، وآية ما كان لنبي أن يكون له أسرى، وسورة تبت يدا أبي لهب، ولفظ قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وقد شهد الله له بتمام التبليغ، حيث أنزل قبيل وفاتهٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } [المائدة: 3] وورد أنه قال لعزرائيل حيث قبض روحه: اقبض فقد بلغت، وما أمر بكتمه فقد كتمه ولم يبلغ منه حرفاً، وهو جميع الأسرار التي لا تليق بالأمة، وما غير في تبليغه وكتمه، فقد كتم البعض وكتم وبلغ البعض، وهو الأسرار التي تليق بالأمة، ولذا ورد عن أبي هريرة أنه قال: أعطاني حبيبي جرابين من العلم، لو بثثت لكم أحدهما لقطع مني هذا الحلقوم. قوله: (خوفاً أن تنال بمكروه) أي يمنعك عن مطلوبك، كالقتل والأسر ومنع الخلق عنك فإنك معصوم من ذلك، وأنا مثل السب فتحمله، ولا يكن مانعاً لك من التبليغ، وهذا إخبار من الله بأن رسوله لم يكتم شيئاً، فهو معصوم من الكتمان لاستحالته عليه. قوله: (بالإفراد والجمع) أي فهما قراءتان سبعيتان، وعلى كل فهو مفعول لبلغت، فعلى الإفراد منصوب بالفتحة الظاهرة، وعلى الجمع منصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم، والمعنى واحد على كل، لأن المفرد المضاف يفيد العموم. قوله: (لأن كتمان بعضها الخ) أشار بذلك إلى دفع سؤال ورد على الآية. وحاصله أن ظاهر قوله: { وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } اتحاد الشرط، والجواب لأنه ينحل المعنى إن لم تبلغ فما بلغت. وحاصل الجواب أن المعنى وإن تركت شيئاً مما أمرت تبليغه ولو حرفاً، فقد تركت الكل وصار ما بلغته غير معتد به، لأن كتمان بعضه ككتمان كله.

قوله: { وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ } أي يحفظك وهو من تمام الأمر بالتبليغ. قوله: (أن يقتلوك) دفع ما قيل إنه أوذي أشد الإيذاء قولاً فأجاب بأن المراد العصمة من القتل، وما في معناه من كل ما يعطل عليه التبليغ وهكذا كل نبي أمر بالقتال، وما ورد من قتل بعض الأنبياء، فلم يكونوا مأمورين بالقتال.

السابقالتالي
2