الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا ٱللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَٰهُمْ جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ }

قوله: { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ } أي بعضهم وهو فنحاص بن عازوراء، وإنما نسب القول لهم عموماً لرضاهم به ولم ينهوا عنه. قوله: (بتكذيبهم) الباء سببية. قوله: (بعد أن كانوا أكثر الناس مالاً) أي وأخصب أرضاً. قوله: (مقبوضة) أي ممسوكة عن بسط العطاء لنا. قوله: (كنوا به عن البخل) أي لأنه يلزم من قبض اليد عن الإعطاء للمستحقين البخل. قوله: (تعالى الله عن ذلك) أي تنزه سبحانه عن ما وصفوه من البخل، لأن البخل هو منع المستحق من حقه، وليس لأحد حق على الله تعالى، بل هو الكريم الحقيقي الذي عم عطاؤه والطائع والعاصي لا لغرض ولا لعوض. قوله: (دعاء) إما بالرفع خبر لمحذوف والتقدير هو دعاء، أي طلب من نفسه بنفسه غلول أيديهم، ويصح النصب على أنه مفعول لأجله، أي قال تعالى الدعاء عليهم.

قوله: { وَلُعِنُواْ } معطوف على { غُلَّتْ } فهو في حين الدعاء، فسبب هذه المقالة صاروا أشقياء آيسين من رحمة الله، فلم يوفقوا لفعل خير بعد ذلك أبداً، وطردوا عن رحمة الله في الدنيا والآخرة. قوله: { بَلْ يَدَاهُ } إضراب إبطالي، ويداه مبتدأ، و { مَبْسُوطَتَانِ } خبره، وجملة ينفق: إما خبر ثان أو استئناف بياني، وكيف اسم شرط، ويشاء فعل الشرط، ومفعوله محذوف تقديره الإنفاق له، وجوب الشرط محذوف دل عليه قول ينفق. قوله: (مبالغة في الوصف بالجود) أي الإعطاء الكثير الذي عم الطائع والعاصي، واعلم أن معاملة الله للمؤمنين بالفضل إعطاء أو منعاً، لأنه ما منعهم عطاء الدنيا إلا لكونه ادخر لهم ما هو أعظم منه في الآخرة، وأما معاملته للكفار، فبالفضل عند الإعطاء، وبالعدل عند المنع، يكون لأحد حق عليه. قوله: (وثني اليد الخ) أي فذكر اليدين مشاكلة، والتثنية كناية عن كثرة العطاء، لكن على مراده هو، لا على مراد عبيده، لأنه ليس لأحد حق عليه يطلبه منه، ثم في إطلاق اليد على الله طريقتان: طريقة السلف أن اليد صفة من صفاته أزلية، كالسمع والبصر، ينشأ عنها الخير لا الشر، فهي أخص من القدرة، لأن القدرة ينشأ عنها جميع الممكنات، إيجاداً وإعداماً، خيراً أو شراً، ولا يعلمها إلا هو، ويشهد لما قلنا. قوله:قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [ص: 75] أي اصطفيته، ولم يقل بقدرتي، وطريقة الخلف أن اليد تطلق بمعنى الجارحة، وهي مستحيلة على الله، وتطلق على القدرة والنعمة والملك، ويصح إرادة كل منهما في حق الله. إن قلت: على تفسيرها بالقدرة أو النعمة، فلم ثنيت ثانياً بعد إفرادها أولاً؟ أجيب: بأن التثنية لإفادة كثرة الكرم والعطاء كما قال المفسر إن قلت: على تفسيرها بالنعمة فمقتضاه جمعها لأن النعم كثيرة، قال تعالى:

السابقالتالي
2