الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمَا ٱدْخُلُواْ عَلَيْهِمُ ٱلْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوۤاْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } * { قَالُواْ يَامُوسَىۤ إِنَّا لَنْ نَّدْخُلَهَآ أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاۤ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } * { قَالَ رَبِّ إِنِّي لاۤ أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَٱفْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ } * { قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي ٱلأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ }

قوله: { قَالَ رَجُلاَنِ } وصفهما بصفتين: الأولى قوله: { مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ } والثانية قوله: { أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمَا } وهو حسن، لأن فيه الوصف بالجملة بعد الوصف بالجار والمجرور، وهو من قبيل المفرد. قوله: (وهما يوشع) أي ابن نون وهو الذي نبئ بعد موسى، وقوله: (وكالب) بكسر اللام وفتحها ابن يوقنا. قوله: (بقية النقباء) أي الاثني عشر، وقوله: (فأفشوه) أي خبر الجبارين، وقوله: (فجبنوا) أي بنو إسرائيل.

قوله: { ٱدْخُلُواْ عَلَيْهِمُ ٱلْبَابَ } أي امنعوهم من الخروج، لئلا يجدوا في أنفسهم قوة للحرب، بخلاف ما إذا دخلتم عليهم القرية بغتة، فإنهم لا يقدرون على الكر والفر. قوله: (بلا قلوب) أي قوية نافعة. قوله: (تيقنا بنصر الله) أي فإنهما مصدقان بذلك، لإخبار موسى لهما بذلك. قوله: { وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوۤاْ } أي بعد ترتيب الأسباب، ولا تعتمدوا عليها فإنها غير مؤثرة. قوله: { مَّا دَامُواْ فِيهَا } مدة إقامتهم فيها. قوله: { أَنتَ وَرَبُّكَ } قيل إن الواو للعطف، وربك معطوف على الضمير المستتر في اذهب، وقد وجد الفاصل بالضمير المنفصل، قال ابن مالك:
وَإنْ عَلَى ضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَّصِلٍ   عَطَفْت فَافْصل بالضَّمِيرِ المُنْفَصِلِ
أي ليذهب ربك، واختلف في الرب، فقيل هو المولى جل وعلا، فإسنادهم الذهاب إليه على حقيقته، لأنهم كانوا يعتقدون التجسيم، وقيل المراد به هارون وسموه رباً لأنه كان أكبر من موسى بسنة، وهو الأحسن، ويدل عليه السياق، وقيل الواو للحال، وربك مبتدأ خبره محذوف تقديره يعينك. قوله: (لا أملك غيرهما) إن قلت: إن يوشع وكالب كانا في طاعته أيضاً. أجيب بأنه لم يثق بهما. قوله: { فَٱفْرُقْ بَيْنَنَا } أي احكم لنا بما نستحقه، واحكم لهم بما يستحقونه، وكان الأمر كذلك، فصار التيه رحمة لموسى وهارون، وعذاباً على بني إسرائيل. قوله: { أَرْبَعِينَ سَنَةً } يصح أن يكون ظرفاً لقوله: { يَتِيهُونَ } وعلى هذا فهي محرمة عليهم أبداً لأنهم انقرضوا، وما دخلها إلا من لم يبلغ العشرين حيث الميثاق، وقيل ظرف لقوله: { مُحَرَّمَةٌ } وعلى هذا فالتحريم مقيد بتلك المدة، وقيل ظرف لهما معاً. قوله: (وهي تسعة فراسخ) أي عرضاً، وطولها ثلاثون فرسخاً.

قوله: { فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ } أي وذلك أنه ندم على دعائه عليهم، فقيل له لا تأس فإنهم أحق بذلك. قوله: (ومات هارون وموسى في التيه) ومات موسى بعد هارون بسنة، وقيل إن موسى هو الذي ملك الشام، وكان يوشع على مقدمته، وعاش فيها زمناً طويلاً، ومات ولم يعلم له قبر، وهما طريقتان: قيل إن موسى وهارون توجها إلى البرية، فمات هارون فدفنه أخوه موسى، ثم رجع إلى قومه فقالوا قتله لحبنا إياه، فتضرع موسى إلى ربه، فأوحى الله إليه أن انطلق بهم إلى هارون فإني باعثه، فانطلق بهم إلى قبره، فناداه هارون فخرج من قبره بنفض رأسه، قال: أنا قتلتك؟ قال: لا، ولكنني مت، قال: فعد إلى مضجعك.

السابقالتالي
2 3