الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ ٱلْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهَا وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ } * { قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ }

قوله: { عَنْ أَشْيَآءَ } أصله شيآء على وزن فعلاء كحمراء استثقلت العرب النطق في كلمة يكثر استعمالها بألف همزتين، خصوصاً قبل الهمزة الأولى ياء فقلبوها قلباً مكانياً، فقدموا الهمزة الأولى التي هي لام الكلمة قبل الشين فصار وزنه لفعاء، وهو ممنوع من الصرف لألف التأنيث الممدودة. قوله: (لما فيه المشقة) علة لقوله: { تَسُؤْكُمْ } والمشقة إما لحصول التكليف بها، أو لحصول الإساءة والفضيحة بها ففي الحديث: " إن الله أحل لكم أشياء وحرم أشياء وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها ".

قوله: { وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا } إن حرف شرط، وتسألوا فعل الشرط، وعنها متعلق بتسألوا، والضمير عائد على الأشياء المتقدمة، وقوله: { حِينَ يُنَزَّلُ ٱلْقُرْآنُ } ظرف متعلق بتسألوا، وقوله: { تُبْدَ لَكُمْ } جواب الشرط. قوله: (المعنى إذا سألتم الخ) حاصل ما أفاده المفسر أن هنا جملتين شرطيتين ونهي، فالأصل تأخير النهي عن الجملتين، وتأخير الجملة الأولى عن الثانية، وإنما قدم النهي ونتيجته وهي الإساءة اعتناء بزجر عباده، وهذا التقديم والتأخير باعتبار المعنى، وإلا قالوا ولا تقتضي ترتيباً ولا تعقيباً.

قوله: (إذا سألتم عن أشياء) هو معنى الجملة الثانية، وقوله: (متى أبداها ساءتكم) هو معنى الجملة الأولى، وقوله: (فلا تسألوا عنها) هو معنى النهي، وما ذكره المفسر أحد احتمالات في الآية وهو أحسنها، قوله: { عَفَا ٱللَّهُ عَنْهَا } أي لم يؤاخذكم بذلك. قوله: (عن مسألتكم) أي عن جوابها، والمعنى لم يجبكم بالتشديد مع استحقاقكم إياه بالسؤال عما لا يعينكم، فضلاً منه ولطفاً بكم. قوله: (فلا تعودوا) أي لمثل هذه الأسئلة.

قوله: { وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ } في معنى العلة لقوله: { عَفَا ٱللَّهُ عَنْهَا } أي عفا عنها، لأنه غفور يستر الذنوب ويمحوها، حليم لا يعجل بالعقوبة على من عصاه. قوله: (قد سألها) هذا امتنان من الله تعالى على هذه الأمة، حيث لم يشدد عليهم كما شدد على من قبلهم، رحمة منه وزجراً لهم عن وقوع مثل ذلك منهم. قوله: (أي الأشياء) أي نوع من الأشياء وهو ما فيه الإساءة، كسؤال قوم صالح أن يأتي لهم من الجبل بناقة، وكسؤال قوم عيسى المائدة، وكسؤال قوم موسى رؤية الله جهرة، فأجاب سؤالهم بالتشديد عليهم في التكاليف فخالفوا فحل بهم ما حل من العذاب، وإنما قال هنا قد سألها ولم يقل عنها إشارة إلى أن السؤال كما يتعدى بالحرف يتعدى بنفسه. قوله: (بيان أحكامها) أي أحكام الأشياء التي سألوها مع التشديد عليهم. قوله: (بتركهم العمل) أشار بذلك إلى أن الكفار إنما هو بترك العمل لا بنفس تلك الأشياء، فالكلام على حذف مضاف.