الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُوۤاْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ ٱلنَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِٱلْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱمْتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ }

سورة الحجرات مدنية

وهي ثمان عشرة آية

أي بالإجماع، وهذه أوائل السور المسماة بالمفصل، واختلف في تسميته بذلك، فقيل: لكثرة الفصل فيه بين السور، وقيل: لكون جميعه محكماً لا نسخ فيه، قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } ذكر هذه اللفظة في هذه السورة خمس مرات، اعتناء بشأن المؤمنين في الأوامر والنواهي، نظير خطابات لقمان لابنه في قوله:يٰبُنَيَّ } [لقمان: 16] ولئلا يتوهم أن المخاطب ثانياً غير المخاطب أولاً، وذكريَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ } [الحجرات: 13] مرة خطابا لما يعم المؤمن والكافر، لمناسبة ما يترتب عليه من قوله تعالىإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ } [الحجرات: 13] وهذه السورة جمعت آداباً ظاهرية وباطنية، وأوامر ونواهي ظاهرية وباطنية، عامة وخاصة، فهي متضمنة طريقة الصوفية التي من تمسك بها وصل. قوله: (من قدم بمعنى تقدم) العامة على ضم التاء وفتح القاف وتشديد الدال مكسورة، وفيها وجهان أحدهما: إنه متعد حذف مفعوله اقتصاراً كقولهم: هو يعطي ويمنع، وكلوا واشربوا، والأصل لا تقدموا ما لا يصلح، والثاني: أنه لازم نحو وجه وتوجه، ويعضده قراءة ابن عباس والضحاك { لاَ تُقَدِّمُواْ } بالفتح في الثلاثة، والأصل لا تتقدموا، فحذفت إحدى التائين، وفي الآية استعارة تمثيلية، حيث شبه تجري الصحابة على الحكم، في أمر من أمور الدين، بغير إذن من الله ورسوله، بحالة من تقدم بين يدي متبوعه إذا سار في طريقه من غير إذن، فإنه في العاة مستهجن، ثم استعمل في في جانب المشبه ما كان في جانب المشبه به من الألفاظ، والغرض التنفير من التجري بغير إذن الله ورسوله، ومثله قوله تعالى في حق الملائكةلاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ } [الأنبياء: 27] أصله لا يسبق قولهم قوله، فمدحهم بنفي السبق، تنبيهاً على استهجان السبق، أو المراد بين يدي رسول الله، وذكر لفظ الله تعظيماً للرسول، وإشعاراً بأنه من الله بمكان يوجب إجلاله، وعلى هذا فلا استعارة. قوله: (بقول أو فعل) مثال القول ما ذكره المفسر في سبب النزول أيضاً، من أنهم ذبحوا يوم النحر قبل رسول الله، فأمرهم أن يعيدوا الذبح. وقال: من ذبح قبل الصلاة، فإنما هو لحم عجله لأهله، ليس من النسك في شيء، وما ورد عن عائشة أنه في النهي عن صوم يوم الشك، أي لا تصوموا قبل أن يصوم نبيكم، وقال الضحاك: وهو عام في القتال وشرائع الدين، أي لا تقطعوا أمراً دون الله ورسوله، وهو الأولى.

قوله: { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } أي في التقدم الذي نهاكم عنه. قوله: (على النبي) الأولى أن يقول عند النبي، ففي الحديث، أنه قدم ركب من بني تميم على النبي صلى الله عليه وسلم وطلبوا أن يؤمر عليهم واحداً منهم، فقال أبو بكر: أمر القعقاع بن معبد، وقال عمر: بل أمر الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي، وقال عمر: ما أردت خلافك، فتماريا أي تخاصما، حتى ارتفعت أصواتهما، فنزلت تلك الآيات الخمس إلى قوله: { غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ومعنى قول عمر: ما أردت مخالفتك تعنتاً، وإنما أردت أن تولية الأقرع أصلح بهم، ولك يظهر لك ذلك.

السابقالتالي
2 3