الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ } * { أَنْ أَدُّوۤاْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } * { وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ } * { وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَٱعْتَزِلُونِ } * { فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ }

قوله: { وَجَآءَهُمْ } هو من جملة الممتحن به. قوله: { كَرِيمٌ } (على الله) أي عزيز عليه، حيث اختصه بالرسالة والكلام، وهذا رد لقول فرعونأَمْ أَنَآ خَيْرٌ مِّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٌ } [الزخرف: 52] كأنه قال: حاشا موسى من المهانة، بل هو كريم عزيز على ربه. قوله: (أي بأن) أشار بذلك إلى أن { أَنْ } مصدرية، ويصح أن تكن مفسرة، وأن تكن مخففة من الثقيلة. قوله: { عِبَادَ ٱللَّهِ } مشى المفسر على أن مفعول { أَدُّوۤاْ } محذوف، و { عِبَادَ ٱللَّهِ } منادى، وعليه فالمراد بعباد الله فرعون وقومه، وقيل: إن { عِبَادَ ٱللَّهِ } مفعول لأدوا، والمراد بهم بنو إسرائيل: ومعنى تأدية إياهم اطلاقهم من الأسر، يشير إلى هذا قوله تعالى في سورة الشعراءأَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } [الشعراء: 17] وعلى كلا القولين فالخطاب في { أَدُّوۤاْ } لفرعون وقومه. قوله: { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } تعليل للأمر، وقوله: (على ما أرسلت به) متعلق بأمين. والمعنى: مأمون على ما أرسلني الله به، فلا أزيد ولا أنقص، وذكر الأمانة بعد الرسالة، وإن كانت تستلزمها، اشارة إلى أنها وصف شريف ينبغي الاعتنا به.

قوله: { وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ } عطف على قوله: { أَنْ أَدُّوۤاْ }. قوله: (تتجبروا) { عَلَى ٱللَّهِ } فسر العلو بالتجبر، وفسره غيره بالتكبر والبغي والافتراء والتعاظم والاستكبار، وكلها معان متقاربة، قوله: { إِنِّيۤ آتِيكُمْ } تعليل للنهي. قوله: (فتوعدوه بالرجم) ظاهره أنه حين قال { إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } توعدوه بالرجم ولم يتمهلوا، مع أنه تقدم أن فرعون قال له:فَأْتِ بِهَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [الأعراف: 106] ومكث بينهم مدة عظيمة، وهو يأتيهم بالمعجزات الباهرة ثم لما توعدوه دعا عليهم، وحينئذ فيكون بين ما هنا وبين ما تقدم تناف، فالجواب: أن القصة ذكرت هنا مجملة، وما تقدم ذكرت مبسوطة، وذكر الشيء مفصلاً ثم مجملاً أثبت في النفس. قوله: { أَن تَرْجُمُونِ } الباء فيه وفي قوله: { فَٱعْتَزِلُونِ } من ياءات الزوائد لا يثبت في الرسم، وأما في اللفظ فيجوز إثباتها وحذفها حالة الوصل فقط، وأما في الوقت فيتعين حذفها. قوله: { وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي } اللام بمعنى الباء، ويصح أن تكون لام العلة. والمعنى: إن لم تصدقوني ولم تؤمنوا بالله لأجل برهاني، إلخ. قوله: (فاتركوا أذاي) أي لا تتعرضوا لي بسوء.

قوله: { فَدَعَا رَبَّهُ } عطف على مقدر قدره بقوله: (فلم يتركوه) وقوله: { أَنَّ هَـٰؤُلاَءِ } إلخ، تعريض بالدعاء كأنه قال: فافعل ما يليق بهم، و { أَن } بفتح الهمزة في قراءة العامة، وقرئ شذوذاً بكسرها على إضمار القول. قوله: (بقطع الهمزة ووصلها) أي فهما قراءتان سبعيتان ولغتان جيدتان: الأولى من أسرى، والثانية من سرى، قال تعالى:سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ } [الإسراء: 1] وقال تعالى:وَٱلَّيلِ إِذَا يَسْرِ } [الفجر: 4] والإسراء السير ليلاً، والإسراء السير ليلاً، وحينئذ فذكر الليل تأكيد بغير اللفظ. قوله: (إذا قطعته أنت وأصحابك) هذا تعليم لموسى بما يفعله في سيره قبل أن يسير، والمعنى: إذا سرت بهم، وتبعك كالعدو، ووصلت إلى البحر، وأمرناك بضربه، ودخلتم فيه ونجوتم منه، فاتركه بحاله ولا تضربه بعصاك فليلتئم، بل أبقه على حاله ليدخله فرعون وقومه فينطبق عليهم.