الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍ وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌ } * { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ }

قوله: { وَمِنْ آيَاتِهِ } أي دلائل قدرته وعجائب وحدانيته. قوله: { خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي فإنهما بذاتهما وصفاتهما، يدلان على اتصاف خالقهما بالكمالات، قال تعالى:أَفَلَمْ يَنظُرُوۤاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا } الآية: قوله: { وَ } (خلق) { مَا بَثَّ } أشار بذلك إلى أن قوله: { وَمَا بَثَّ } معطوف على { ٱلسَّمَٰوَٰتِ } مسلط عليه { خَلْقُ } ويصح أن يكون في محل رفع عطف على { خَلْقُ }. قوله: (هي ما يدب على الأرض) أشار بذلك إلى أن المراد في أحدهما، فهو من إطلاق المثنى على المفرد، كما في قوله تعالى:يَخْرُجُ مِنْهُمَا ٱلُّلؤْلُؤُ وَٱلمَرْجَانُ } وإنما يخرجان من أحدهما وهو الملح، وهذا أسلم وأحسن مما قيل: إن الآية باقية على ظاهرها، ولا مانع من أن الله تعالى خلق حيوانات في السماوات، يمشون فيها كمشي الأناسي على الأرض، لأن ذلك بعيد من الافهام، لكونه على خلاف العرف العام.

قوله: { إِذَا يَشَآءُ } متعلق بجمعهم، و { قَدِيرٌ } خبر الضمير، { عَلَىٰ جَمْعِهِمْ } متعلق بقدير، والمعنى: وهو قدير على جمعهم في أي وقت شاء، وهو معنى قوله تعالى:إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [يس: 82] فمتى أراد الله شيئاً أبرزه بقدرته. قوله: (في الضمير) أي وهو قوله: { عَلَىٰ جَمْعِهِمْ } ولو لم يرد التغليب لقال على جمعها. قوله: (خطاب المؤمنين) أي وأما مصائب الكفار في الدنيا، فتعجيل لبعض العقاب لهم. قوله: { مِّن مُّصِيبَةٍ } بيان لما، وقوله: { فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } جواب الشرط إن جعلت ما شرطية، أو خبر المبتدأ إن جعلت موصولة، وقرنت بالفاء لما في المبتدأ على معنى الشرط، وهذا على ثبوت الفاء، وأما على حد قراءة حذفها، فالأولى جعلها خبراً وما موصولة، وجعلها شرطية يلزم عليه حذف الفاء في جوابه وهو شاذ والقراءتان سبعيتان.

قوله: { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } من تتمة قوله: { فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } والمعنى: أن الذنوب قسمان، قسم تعجيل العقوبة عليه في الدنيا بالمصائب، وقسم يعفو عنه فلا يعاقب عليه بها، وما يعفو عنه أكثر، قال عيل بن أبي طالب: هذه الآية أرجى آية في كتاب الله عز وجل، وإذا كان يكفر عني بالمصائب ويعفو عن كثير؛ فأي شيء يبقى بعد كفارته وعفوه؟ وقد روي هذا المعنى مرفوعاً عنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال علي بن أبي طالب: ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله حدثنا بها النبي صلى الله عليه وسلم: { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } الآية؟ " يا علي، ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا، فيما كسبت أيديكم، والله أكرم من أن يثني عليكم العقوبة في الآخرة، وما عفا عنه في الدنيا، فالله أحلم من أن يعاقب به بعد عفوه "

السابقالتالي
2