الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ ذَلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ وَيَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَاطِلَ وَيُحِقُّ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ ٱلسَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } * { وَيَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَٱلْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ }

قوله: { ذَلِكَ } مبتدأ، و { ٱلَّذِي يُبَشِّرُ } خبره، والعائد محذوف قدره المفسر بقوله: (به) حذف الجار فاتصل الضمير، وهذا على الصحيح من أنها اسم موصول، وأما على رأي يونس من أنها مصدرية، فلا تحتاج إلى عائد، والتقدير عنده ذلك تبشير الله إلى عباده. قوله: (من البشارة) أي وهي الخبر السار. قوله: (مخففاً ومثقلاً) أي فهما قراءتان سبعيتان.

قوله: { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً } أي قل يا محمد لأمتك: لا أطلب منكم أجراً في نظير تبليغ الرسالة وتبشيري اياكم؛ ولا خصوصية له صلى الله عليه وسلم بذلك، بل جميع الأنبياء لا يسألون الأجرة، لأن سؤال الأجرة على الأمور الأخروية، نقص في حق غير الأنبياء فأولى الأنبياء. قوله: { إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ } اختلف المفسرون في معنى هذه الآية على ثلاثة أقوال، الأول عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان وسط النسب من قريش، ليس بطن من بطونهم إلا وقد ولده،وكان له فيهم قرابة، فقال الله عز وجل: { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ } أي ما بيني وبينكم من القرابة، والمعنى: إن لم تتبعوني، فاحفظوا حق القربى، وصلوا رحمي، ولا تؤذوني، يعد عليكم نفعها، لما في الحديث: " الرحم معلقة بالعرش تقول: اللهم صل من وصلني، واقطع من قطعني " فثمرته عائدة عليهم لا على النبي صلى الله عليه وسلم. الثاني عنه أيضاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة، لم يكن في يده سعة فقالت الأنصار: إن هذا الرجل هداكم، وهو ابن أختكم، وأجاركم في بلدكم، فلجمعوا له طائفة من أموالكم، ففعلوا ثم أتوه بها فردها عليهم، ونزلت الآية، وحينئذ فالخطاب للأنصار. الثالث عن الحسن: أن معناه إلا أن تجعلوا محبتكم ومودتكم محصورة في التقرب إلى الله بطاعته وخدمته لا لغرض دنيوي، فالقربى على الأول القرابة بمعنى الرحم، وعلى الثاني بمعنى الأقارب، على الثالث بمعنى القرب والتقرب، واعلم أن طلب الأجر على التبليغ لا يجوز لوجوده، الأول: تبري الأنبياء جميعاً منه. الثاني: أن التبليغ واجب، وطلب الأجرة على أداء الواجب لا يليق بأفراد الأمة فضلاً عن الأنبياء. الثالث: أن النبوة أمر عظيم، والدنيا وإن عظمت حقيرة، لا تزن جناح بعوضة، ولا يليق طلب الخسيس في دفع الشريف، وغير ذلك، إن قلت: حيث كان الأمر كذلك، فما معنى الاستثناء في الآية؟ أجيب بجوابين، الأول: أن هذا من تأكيد المدح بما يشبه الذم، على حد قول الشاعر:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم   بهن فلول من قراع الكتائب
فالمعنى: لا أطلب إلا هذا، وهو في الحقيقة ليس بأجر، لأن المودة بين المسلمين واجبة، خصوصاً في حق أشرافهم، وحينئذ فيكون الاستثناء متصلاً بالنظر للظاهر.

السابقالتالي
2