الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ فَقَضَٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } * { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ }

قوله: { فَقَضَٰهُنَّ } تفصيل لتكوين السماء. قوله: (أي صير) { سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ } أشار بذلك إلى أن قضى مضمن معنى صير، فسبع مفعول به. قوله: (وفيها خلق آدم) ظاهره أن آدم خلق في نفس اليوم الذي خلقت فيه السماوات، وهو خلاف المشهور من أن بين خلق آدم وخلقها ألوفاً من السنين. قوله: (ووافق ما هنا) إلخ، أي بتقدير المضاف السابق، والمشهور أن الأيام الستة بقدر أيام الدنيا؛ وقيل: كل يوم منها بقدر ألف سنة من أيام الدنيا، فتكون الستة أيام، بقدر الستة آلاف سنة. إن قلت: إن اليوم عبارة عن الليل والنهار، وذلك يحصل بطلوع الشمس وغروبها، وقبل خلق السماوات لا يعقل حصول اليوم، فضلاً عن تسميته بالأحد ونحوه. أجيب: بأن الله تعالى، قدر مقداراً خلق فيه الأرض وسماه الأحد والاثنين، ومقداراً خلق فيه الأقوات وسماه الثلاثاء والأربعاء، وهكذا، فالتسمية للمقادير التي خلقت فيها تلك الأشياء. بقي شيء آخر وهو: أن ما هنا يقتضي أن الأرض خلقت قبل السماوات، فيخالف آية النازعات المفيدة أن الأرض خلقت بعد السماوات، قال تعالى:ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ ٱلسَّمَآءُ بَنَاهَا } [النازعات: 27] إلى أن قال:وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } [النازعات: 30]. وأجيب: بأن الله تعالى خلق الأرض أولاً في يومين كروية، ثم خلق بعدها السماء، ثم بعد خلق السماء دحا الأرض وبسطها، فخلق الجميع في ستة أيام، والدحى بعد ذلك، فلا تناقض، واستشكل ذلك الرازي وأجاب عنه بما لا طائل تحته. قوله: { وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا } الوحي كناية عن التكوين. قوله: (الذي أمر به من فيها) إلخ، وقيل: المعنى خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها وأفلاكها، وخلق في كل سماء خلقها من الملائكة، والخلق الذي فيها من البحار وجبال البرد والثلج. قوله: (بفعله المقدر) أي وهو معطوف على. { زَيَّنَّا } قوله: { ذَلِكَ } أي المذكور بتفاصيله. قوله: { فَإِنْ أَعْرَضُواْ } مرتب على قوله فيما تقدمقُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ } [فصلت: 9] إلخ، والمعنى: بين ما محمد لقومك طريق الرشاد، وأظهر لهم الحجج القاطعة الدالة على ذلك، فإن أعرضوا بعد إقامة الحجج وبيان الهدى، فخوفهم بعذاب مثل عذاب من تقدمهم من الأمم، لأنه جرت عادة الله تعالى، أن لا يعذب أمة إلا بعد طلوع شمس الحق لهم وإعراضهم عنهن وفي قوله: { أَعْرَضُواْ } التفات من خطابهم بقوله: (أئنكم) إلى الغيبة، إشارة إلى أنهم كما أعرضوا جوزوا بالإعراض واللتفات من خطابهم، لأن الخطاب شأن من يرجى إقباله، وهو ليسوا كذلك.

قوله: { فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ } عبر بالماضي اشارة إلى تحققه وحصوله. قوله: { صَاعِقَةً } هي في الأصل الصيحة التي يحصل بها الهلاك، أو قطعة نار تنزل من السماء معها رعد شديد، والمراد هنا العذاب المهلك، وقرئ شذوذاً، صعقة بغير ألف مع سكون العين في الموضعين، وقوله: { مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } التشبيه في مطلق الهلاك، وإن كان هلاك عاد وثمود عاماً، وهلاك هذه الأمة خاص ببعض أفرادهم، فهو تشبيه جزئي بكلي، وبهذا اندفع ما قد يقال: إن العذاب العام لا يأتي لهذه الأمة، لما ورد في الأحاديث الصحيحة من أمن الأمة من ذلك. وأجيب أيضاً: بأنه لا يلزم من التخويف الحصول بالفعل، وحينئذ فالمعنى: أنتم ارتكبتم أموراً تستحقون عليها ما نزل بعاد وثمود.