الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً }

قوله: { فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } الفاء واقعة في جواب شرط مقدر تقديره إذا تكاسلوا عن القتال فقاتل الخ، فإنك منصور على كل حال، ولو اجتمعت عليك أهل الأرض جميعاً. قوله: { لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ } هذه الجملة حال من فاعل قاتل، والمعنى قاتل في سبيل الله ولا تنظر لكسلهم حال كونك غير مكلف إلا نفسك، فلا يضرك مخالفتهم وتقاعدهم عن القتال، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدة الحرب لا يتغير وجهه أبداً، بل كان يبتسم إذ ذاك ولا يكترث بملاقاة الأعداء، قال البوصيري:
مُسْفِرٌ يَلْتَقِي الكَتِيبَةَ بِسَا   مَا إذَا أَسْهَمَ الوُجُوه اللِّقَاء
قوله: (المعنى قاتل ولو وحدك) أي فكان من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه إذا هم بالحرب لا يرجع حتى يحكم الله بينه وبين عدوه. قوله: { وَحَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي بالآيات الواردة في فضل الجهاد، فإن تخلفوا بعد ذلك فلا يضرونك، وإنما وبالهم على أنفسهم. قول: { عَسَى ٱللَّهُ } الخ، هذا وعد من الله بكفهم، وهو وإن ورد بصيغة الترجي، فهو في المعنى محقق لتعلق قدرته وإرادته بذلك، ويستحيل تخلف ما تعلقا به، لأنه يصير عاجزاً، فلا فرق في تحقق وعد الله بين أن يرد بصيغة الترجي أو غيره. قوله: { وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً } أي قوة وسطوة. قوله: { تَنكِيلاً } من النكل، وهو في الأصل القيد ثم أطلق على العذاب، قوله: (والذي نفسي بيده) إنما أقسم بذلك لأنه دائماً في حضرة ربه. وقوله: (بيده) أي قدرته، وكان عليه الصلاة والسلام كثيراً ما يحلف بذلك. قوله: (فخرج بسبعين راكباً) أي في السنة الرابعة لأن أحداً كانت في الثالثة، فلما انصرف منها أبو سفيان نادى بأعلى صوته يا محمد موعدك العام القابل في بدر، فقال عليه الصلاة والسلام: إن شاء الله تعالى، فلما جاء العام القابل طلب المؤمنين للخروج، فتقاعد المنافقون وتبعهم بعض ضعفاء المؤمنين بسبب تثبيط نعيم بن مسعود الأشجعي لهم، قال تعالى حكاية عنه:ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ } الآيات [آل عمران: 173] وقوله: (بسبعين راكباً) تبع في ذلك بعض السير وهو ضعيف، والراجح أنه خرج معه ألف وخمسمائة من أصحابه وعشرة أفراس، واستخلف على المدينة عبد الله بن رواحة، فأقاموا على بدر ينتظرون أبا سفيان، فألقى الله في قلوب الأعداء الرعب، ولم ينتقلوا من محل يسمى الآن بوادي فاطمة فاجتمعت قبائل العرب من كل جهة لإقامة السوق في بدر، فصارت الصحابة يتجرون إلى أن ربحوا ربحاً عظيماً، فمكثوا في بدر ثمانية أيام، فلم تأتِ الكفار ولم يحصل بينهم حرب أصلاً، قال تعالى:فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ } [آل عمران: 174] وتقدم بسط القصة في آل عمران. قوله: (ومنع أبي سفيان) معطوف على الفاء فهو مصدر.