الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَآتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً } * { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ }

قوله: { وَآتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ } شروع في ذكر مواطن التقوى، وقدم مال اليتيم لأن فيه وعيداً عظيماً وتحذيراً شديداً، واليتامى جمع يتيم ويجمع أيضاً على أيتام من اليتيم وهو لغة الانفراد، ومنه الدرة اليتيمة بمعنى عديمة المثيل، ومنه يتيم سيد الكائنات عليه أفضل عليه أفضل الصلاة والسلام، قال العارف:
أخذ الإله أبا النبي ولم يزل   برسوله الفرد الكريم رحيما
نفسي الفداء لمفرد في يتمه   والدر أحسن ما يكون يتيما
واصطلاحا أشار له المفسر بقوله: (الألى) لا أب لهم، أي ولو كانت أمهم موجودة، فاليتيم في الآدمي من كان معدوم الأب وهو صغير، وفي غيره من كان معدوم الأم، فإن مات الأبوان قيل للصغير لظيم، وإن ماتت أمه فقط قيل له عجمي. قوله: (الآلى) بضم الهمزة وفتح اللام اسم موصول جمع الذي كالذين. قوله: (إذا بلغوا) أي وكانوا راشدين، بدليل قوله تعالى: (فإن آنستم منهم رشداً) الآية.

قوله: { وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيِّبِ } هذا نهي آخر: وكان ولي اليتيم في الجاهلية يأخذ مال اليتيم الجيد ويدفع بدله الرديء كشاة هزيلة يدفعها ويأخذ شاة سمينة، ودرهم زائف يتركه لليتيم ويأخذ له الجيد، ويقول شاة بشاة ودرهم بدرهم. قوله: (الحرام) أي وإن كان جيداً، وقوله: (الحلال) أي وإن كان رديئاً. قوله: (أي تأخذوا بدله) أشار بذلك إلى أن الباء داخلة على المتروك. قوله: (مضمومة) أي الأمر الأول تضمن نهياً أي لا تمنعوا اليتامى من أموالهم إذا رشدوا أو لا تتبدلوا الخبيث بالطيب، ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم. إن قلت: مقتضى الآية أن أكل مال اليتيم منفرداً ليس بذنب عظيم، أجيب: بأنه نص على مستقبح الأوصاف زيادة في التشنيع على من يأكله مع الاستغناء، وإلا فأكله منفرداً كأكله مضموماً لماله في ارتكاب الإثم الكبير. قوله: { حُوباً } بضم الحاء باتفاق السبعة، وقرئ شذوذاً بفتح الحاء وسكون وسكون الواو وقبلها ألفاً والمعنى واحد. قوله: (ولما نزلت) أي آيات اليتيم التي ورد النهي فيها. قوله: (تحرجوا) أي شق عليهم وطلبوا الخروج من الحرج الذي هو الإثم. قوله: (من الأزواج) أي اليتامى، فكان الواحد منهم إذا وجد يتيمة ذات مال وجمال رغب فيها لأجل مالها، فلما نزلت آية النهي عن أكل مال اليتيم شق عليهم ذلك فنزلت { وَإِنْ خِفْتُمْ } فالنهي في الأولى عام في اليتامى مطلقاً أزواجاً أولاً، والثاني خاص بالأزواج اليتامى. قوله: { أَلاَّ تُقْسِطُواْ } من أقسط بمعنى عدل، وأما القاسط فمعناه الجائر، وقرئ تقسطوا بفتح التاء وتحمل على أن لا زائدة أو لغة في أقسط بمعنى عدل، فتكون مستعملة في الشيء وضده.

قوله: { فِي ٱلْيَتَامَىٰ } أي في نكاحهم. قوله: (فتحرجتم) أي طلبتم الخروج من الحرج الذي هو الإثم، وقوله: (فخافوا) جواب الشرط، قالت عائشة: هذه الآية في اليتيمة تكون في حجر وليها فيرغب في جمالها ومالها، ويريد أن ينتقص صداقها، فنهوا عن نكاحهن إلا أن يقسطوا في إكمال الصداق، وأمروا بالنكاح من غيرهن، قالت عائشة: فاستفتى الناس رسول الله بعد ذلك، فأنزل الله عز وجل:

السابقالتالي
2