الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } * { وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً } * { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً } * { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَٰثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَٰناً مَّرِيداً }

قوله: { لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ } لا نافية للجنس وخير اسمها، وفي كثير متعلق بمحذوف خبرها، وقوله: { مِّن نَّجْوَاهُمْ } بمحذوف حال من متعلق الخبر. قوله: (أي الناس) أشار بذلك إلى أن الآية عامة وليست مخصوصة بقوم طعمة المتقدم. قوله: (أي ما يتناجون فيه ويتحدثون) أشار بذلك إلى أن معنى النجوى المحادثة من بعض القوم لبعض اثنان ففوق، قال تعالى:مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ } [المجادلة: 7] الآية، والنجوى ضد السر، وهو محادثة الإنسان نفسه، وعطف قوله: (يتحدثون) على (يتناجون) للتفسير.

قوله: { إِلاَّ مَنْ أَمَرَ } يحتمل أنه استثناء منقطع إن أبقينا الكلام على ظاهره، لأن المستثنى الشخص، والمستثنى منه الكلام، ولا شك أنه غيره، ويحتمل أنه متصل وهو على حذف مضاف، وإليه يشير المفسر بقوله: { إِلاَّ } (نجوى) الخ. قوله: { بِصَدَقَةٍ } أي واجبة أو مندوبة. قوله: { أَوْ مَعْرُوفٍ } المراد به كل طاعة لله، فيدخل فيه جميع أعمال البر، فهو من عطف العام على الخاص، وقوله: { أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ } معطوف على قوله: { أَوْ مَعْرُوفٍ } من عطف الخاص على العام اعتناءاً بشأنه واهتماماً به، وإنما خصت الثلاثة لأن الأمر المرضي لله، أما إيصال نفع وهو إما جسماني أو روحاني، فالأول كالصدقات، والثاني كالأمر بالمعروف، أو دفع ضرر كالإصلاح بين الناس، لأن المفاسد مترتبة على التشاحن، وبالإصلاح يحصل الخير والبركة ودفع الشرور، ولذا حثّ عليه صلى الله عليه وسلم بقوله: " امشِ ميلاً عد مريضاً، امش ميلين أصلح بين اثنين " وبالجملة فكثرة الكلام لا خير فيها، قال بعضهم: من كثر لغطه كثر سقطه، وفي الحديث: " وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم " قوله: { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ } اسم الإشارة عائد على الثلاثة، وإنما أفرد لأن العطف بأو إن قلت مقتضى السياق ومن يأمر بذلك، أجيب بأن هذا راجع للمأمور به، فاسم الإشارة عائد على المأمور به وتقديره ومن يفعل المأمور به من صدقة أو معروف أو إصلاح، فاستفيد من الآية أولاً وآخراً ثواب الأمر والفاعل، وفي الحديث: " الدال على الخير كفاعله " وأجيب أيضاً بأنه عبر عن الأمر بالفعل لأنه فعل لساني والأقرب الأول. قوله: (لا غيره من أمور الدنيا) أي لأن ثواب الأعمال الصالحة منوط بالإخلاص كان من الآمر والفاعل، فلو كان الفعل أو الأمر رياء وسمعة أو لغرض دنيوي لم يستحق به عند الله أجراً. قوله: (بالنون والياء) أي فهما قراءتان سبعيتان، وفي قراءة النون التفات من الغيبة للتكلم، لأن الاسم الظاهر من قبيل الغيبة. قوله: { أَجْراً عَظِيماً } أي وهو الجنة وما فيها، قال تعالى: ولِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } [يونس: 26] وفي التعبير بسوف إشارة إلى أن جزاء الأعمال الصالحة في الآخرة لا الدنيا، لأنها ليست دار جزاء، بل عطاء الدنيا لكل من وجد فيها أطاع أو عصى كلف أو لا.

السابقالتالي
2