الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُـمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } * { إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُـمْ فَيُنَبِّئُكُـمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }

قوله: { خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } هذا من جملة أدلة توحيده وانفراده بالعزة والقهر، وجميع صفات الألوهية. قوله: { ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } إن قلت: إن { ثُمَّ } للترتيب، فيقتضي أن خلق الذرية قبل خلق حواء، هو خلاف المعروف المشاهد. وأجيب بثلاثة أجوبة، الأول: أن { ثُمَّ } لمجرد الإخبار، لا لترتيب الإيجاد. الثاني: أن المعطوف متعلق بمعنى واحدة، و { ثُمَّ } عاطفة عليه، كأنه قال: خلقكم من نفس كانت متوحدة لم يخلق نظيرها، ثم شفعت بزوج. الثالث: أن معنى { خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } أخرجكم منها يوم أخذ الميثاق في دفعة واحدة، لأن الله تعالى خلق آدم، وأودع في صلبه أولاده كالذر، ثم أخرجهم وأخذ عليهم الميثاق، ثم ردهم إلى ظهره، ثم خلق منهم حواء.

قوله: { وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلأَنْعَامِ } إلخ إنما عبر عنها بالنزول، لأنها تكونت بالنبات، وهو غذاء لهان والنبات بالماء المنزل، فهو يسمى عندهم بالتدريج، ومنه قوله تعالى:قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً } [الأعراف: 26] الآية، وقيل: إن الإنزال حقيقة لما روي أن الله خلق الأنعام في الجنة، ثم أنزلها في الأرض، كما قيل في قوله تعالى:وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ } [الحديد: 25] فإن آدم لما هبط إلى الأرض نزل معه الحديد. قوله: { ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } الزوج ما معه آخر من جنسه، ولا يستغنى بأحدهما عن الآخر. قوله: (كما بين في سورة الأنعام) أي في قوله:ثَمَٰنِيَةَ أَزْوَٰجٍ مَّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ } [الأنعام: 143] الآيات.

قوله: { يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُـمْ } هذا بيان لكيفية الخلق الدالة على باهر قدرته تعالى. قوله: { خَلْقاً } مصدر ليخلقكم، وقوله: { مِّن بَعْدِ خَلْقٍ } صفى لخلقا. قوله: (أي نطفاً) إلخ، فيه قصور، وعكس ترتيب الإيجاد، فالمناسب أن يقول: أي حيواناً سوياً، من بعد عظام مكسوة لحماً، من بعد عظام عارية، من بعد مضغ، من بعد علق، من بعد نطف. قوله: { فِي ظُلُمَاتٍ } بدل اشتمال من بطون أمهاتكم بإعادة الجار، ولا يضر الفصل بين البدل والمبدل منه المصدر، لأنه من تتمة العامل فليس بأجنبي. قوله: (وظلمة المشيمة) أي فهي داخل الرحم، وهو داخل البطن، و (المشيمة) بوزن كريمة، وأصلها مشيمة بسكون الشين وكسر الياء، نقلت كسرة الياء إلى الساكن قبلها، وهي غشاء ولد الإنسان، ويقال لها الغلاف والكيس، ويقال لها من غير ولد الإنسان السلا.

قوله: { ذَٰلِكُمُ } مبتدأ، و { ٱللَّهُ رَبُّكُمْ } خبر أن له وجملة { لَهُ ٱلْمُلْكُ } خبر ثالث. قوله: { لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } جملة مستأنفة نتيجة ما قبله، أي فحيث ثبت أنه ربنا وله الملك، نتج منه لا إله إلا هو. قوله: { فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } أي تمنعون. قوله: { فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ } اي له الغنى المطلق، فلا يفتقر إلى ما سواه. قوله: { وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ } أي لا يفعل فعل الراضي، بأن يثيب فاعله ويمدحه، بل يفعل فعل الساخط، بأن ينهى عنه، ويعاقب فاعله ويذمه عليه.

السابقالتالي
2