الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَأَنِـيبُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } * { وَٱتَّبِعُـوۤاْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُـمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُـمُ ٱلْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ }

قوله: { قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ } الخ، سب نزولها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى وحشي قاتل حمزة يدعوه إلى الإسلام، فأرسل إليه: كيف تدعوني إلى دينكن وأنت تزعم أنه من قتل أو أشرك أو زنى يلق أثاماً يضاعف له العذاب، وأنا فعلت ذلك كله؟ فأنزل اللهإِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً } [الفرقان: 70] فقال وحشي: هذا أمر شديد، لعلي لا أقدر عليه، فهل غير ذلك؟ فأنزل اللهإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ } [النساء: 48] أراني بعد في شبهة، أيغفر لي أم لا؟ فنزلت هذه الآية، فقال وحشي: نعم، الآن لا أرى شرطاً، فأسلم، وهذه الآية عامة لكل كافر وعاص، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ومن ثم قيل: إنها أرجى آية في كتاب الله تعالى، وفيها من أنواع المعاني والبيان أمور حسان، منها: إقباله تعالى على خلقه ونداؤه إياهم. ومنها: إضافتهم إليه إضافة تشريف، ومنها: التفات من التكلم إلى الغيبة في قوله: { مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ }. ومنها: إضافة الرحمة لأجل أسمائه، الجامع لجميع الأسماء والصفات، وهو لفظ الجلالة. ومنها: الإتيان بالجملة المعرفة الطرفين المؤكدة بأن وضمير الفصل في قوله: { إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } للإشارة إلى أنه تعالى لا وصف له مع عباده إلا الغفران والرحمة، ومناسبة هذه الآية لما قبلها، أن الله تعالى لما شدد على الكفار التشديد العظيم في قولهوَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } [الزمر: 47] الآية، أتبعها بذكر عظيم غفرانه ورحمته لمن آمن، ليجمع العبد بين الرجاء والخوف. قوله: { ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } أي فرطوا في الأعمال الصالحة، وارتكبوا سيئ الأعمال، وأكثروا منه. قوله: { لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ } إن قلت: إن في هذا إغراء بالمعاصي، واتكالاً على غفرانه تعالى، وهو لا يليق. اجيب: بأن المقصود تنبيه العاصي على إنه ينبغي له أن يقدم على التوبة، ولا يقنط من رحمة الله، وليس ذلك إغراء بالمعاصي، بل هو تطمين للعصاة، وترغيب لهم في الإقبال على ربهم. قوله: (بكسر النون وفتحها) أي من باب جلس وسلم وهما سبعيتان. قوله: (وقرئ بضمها) أي من باب دخل، وهي شاذة.

قوله: { إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً } أي إشراكاً أو غيره، وهو مقيد بالتوبة كما قال المفسر، لأن بها يخرج العاصي من ذنوبه كيوم ولدته أمه لما في الحديث: " التائب من الذنب كمن لا ذنب له " وأما من مات مسلماً ولم يتب من ذنوبه فأمره مفوض لربه، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه بقدر جرمه، ثم يدخله الجنة، وأما من مات مشركاً، فلا يغفر له بنص قوله تعالى:

السابقالتالي
2