الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَٱلشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّآءٍ وَغَوَّاصٍ } * { وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ } * { هَـٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } * { وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ } * { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ }

قوله: { كُلَّ بَنَّآءٍ } بدل من الشياطين. عطف على { وَآخَرِينَ } عطف على { كُلَّ بَنَّآءٍ } وذلك أن سليمان قسم الشياطين إلى عملة، استخدمهم في الأعمال الشاقة من البناء والغوص ونحو ذلك، وإلى مقرنين في السلاسل كالمردة والعتاة. قوله: (القيود) من المعلوم أن القيد يكون في الرجل، فلا يلتئم مع قوله: (بجمع أيديهم) إلخ، فلو فسر الأصفاد بالأغلال لكان أولى، لأنها تطلق عليها، كما تطلق على القيود. قوله: (وقلنا له) { هَـٰذَا } أي هذا الملك عطاؤنا. قوله: { بِغَيْرِ حِسَابٍ } فيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه متعلق بعطاؤنا، أي أعطيناك بغير حساب وبغير حصر. الثاني أنه حال من عطاؤنا، أي في حال كون عطائنا غير محاسب عليه. والثالث أنه متعلق بامنن أو امسك، والمعنى أعط من شئت، وامنع من شئت، لا حساب عليك في إعطاء ولا منع. قال الحسن: ما أنعم الله نعمة على أحد، وإلا عليه فيها تبعة، إلا سليمان، فإنه إن أعطى أجر، وإن لم يعط لم يكن عليه تبعة. قوله: { وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ } أي زيادة خير في الدنيا والآخرة.

قوله: { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ } عطف على قوله:وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ } [ص: 17] عطف قصة على قصة، وليس معطوفة على قصة سليمان، لأن لكمال الاتصال بينه وبين أبيه، لم يصدر في قصته بقوله واذكر عبدنا سليمان مثلاً، بل كانا كأنهما قصة واحدة، وتقدم لنا في الأنبياء، أن أيوب بن أموص بن رازح بن روم بن رعيل بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام، وقيل: إنه ابن عيصو بن اسحاق، وقيل: وهو ابن أموص بن رعيل بن عيص بن إسحاق، وتقدمت قصته مفصلة في سورة الأنبياء.

قوله: { إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ } بدل من { عَبْدَنَآ } أو عطف بيان له. قوله: { أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ } أي حين ابتلي بفقد ماله وولده وتمزيق جسده، وهجر جميع الناس له إلا زوجته، وكانت مدة بلائه ثلاث سنين، وقيل سبعاً، وقيل عشراً، وقيل ثماني عشرة. قوله: { بِنُصْبٍ } بضم فسكون، التعب والمشقة، وقوله: { وَعَذَابٍ } عطف سبب على مسبب. قوله: (تأدباً معه تعالى) أي لأن الشيطان هو السبب في ذلك، لأنه نفخ في أنفه، فمرض جسده ظاهراً وباطناً، إلا قلبه ولسانه. قوله: (وقيل له) أي حين رجا وقت شفائه. قوله: (فنبعت عين ماء) ظاهره أنها عين واحدة، وهو أحد قولين، وقيل: كانتا عينين بأرض الشام في أرض الجابية، فاغتسل من إحداهما، فأذهب الله تعالى ظاهر دائه، وشرب من الأخرى، فأذهب الله باطن دائه، وكانت إحدى العينين حارة، والأخرى باردة، فاغتسل من الحارة، وشرب من الأخرى.