الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } * { وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ } * { إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعاً إِلَىٰ حِينٍ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱلله قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

قوله: { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ } هذا امتنان آخر مرتب على ما قبله، والمعنى: جعلنا سفينة نوح آية عظيمة على قدرتنا، ونعمة للخلق، وعلمناهم صنعة السفينة، فعملوا سفناً كباراً وصغاراً لينتفعوا بها. قوله: { مِّن مِّثْلِهِ } { مِّن } إما زائدة أو تبعيضية، وعلى كل فمدخولها حال من قوله: { مَا يَرْكَبُونَ }. قوله: (وهو ما عملوه) هذا أحد أقوال ثلاثة في تفسير المثل، الثاني: إنه خصوص الإبل، والثالث: إنه مطلق الدواب التي تركب. قوله: (بتعليم الله) دفع بهذا ما يقال: عادة الله تعالى إضافة صفة العبيد لأنفسهم، وإن كان هو الخالق لها حقيقة، فلم أضافها لنفسه؟ فأجاب: بأن التعليم والهداية لما كانتا منه، أضاف الخلق به، لأن سفينة نوح التي هي أصل السفن، كانت بمحض تعليم الله وإلهامه له. قوله: (مع إيجاد السفن) أي ومع ركوبهم لها. قوله: { فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ } الصريخ بمعنى الصارخ، يطلق على المستغيث وعلى المغيث، فهو من تسمية الأضداد، والمراد الثاني.

قوله: { إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا } { إِلاَّ } أداة استثناء، و { رَحْمَةً } مفعول لأجله، وهو استثناء مفرغ من عموم الأحوال، والمعنى: لا ننجيهم لشيء من الأشياء، إلا لأجل رحمتنا بهم وتمتيعهم الأمد الذي سبق في علمنا. قوله: (كغيركم) أي وهم المؤمنون. قوله: (من عذاب الآخرة) أشار بذلك إلى أن لفظ الخلف، كما يطلق على ما مضى، يطلق على ما يأتي، فهو من تسمية الأضداد، وسمى ما يأتي خلفاً لغيبته عنا. قوله: (أعرضوا) قدره إشارة إلى أن جواب الشرط محذوف، دل عليه قوله: { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ } إلخ. قوله: { مِّنْ آيَةٍ } { مِّنْ } زائدة، وقوله: { مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ } { مِّنْ } تبعيضية. قوله: { إِلاَّ كَانُواْ } إلخ، الجملة حالية.

قوله: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ } إلخ. أشار بذلك إلى أنهم كما تركوا حقوق الخالق، وهذه الآية نزلت حكاية عن بعض جبابرة مكة، كالعاص بن وائل السهمي وغيره، كان إذا سأله المسكين قال له: اذهب إلى ربك فهو أولى مني بك، قد منعك الله، أفأطعمك أنا؟ وقد تمسك بهذا بخلاء المسلمين حيث يقولون: لا نعطي من حرمه الله، ولم يعلموا أن الفقراء يحملون زاد الأغنياء للآخرة، ولولا الفقراء ما انتفع الغني بغناه.

قوله: { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي بالصانع، أن ينكرون وجوده، وهم فرقة من جبابرة مكة. قوله: { مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ } مفعول { أَنُطْعِمُ } وقوله: { أَطْعَمَهُ } جواب { لَّوْ }. قوله: (في معتقدكم) أي الفقراء المؤمنون، لا في معتقد الكفار الأغنياء، فإنهم ينكرون الصانع كما علمت. قوله: (في قولكم لنا ذلك) أشار بذلك إلى أن هذا من كلام الكفار للمؤمنين. ويؤيده ما روي: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه، كان يطعم مساكين المسلمين، فلقيه أبو جهل فقال: يا أبا بكر، أتزعم أن الله قادر على إطعام هؤلاء؟ قال: قال: نعم، قال: فما باله لم يطعمهم؟ قال: ابتلى قوماً بالفقر، وقوماً بالغنى، وأمر الفقراء بالصوم، والأغنياء بالإعطاء، فقال أبو جهل: والله يا أبا بكر، إن أن إلا في ضلال، أتزعم أن الله قادر على إطعام هؤلاء، وهو لا يطعمهم، ثم تطعمهم أنت؟ وقيل: إنه من كلام المؤمنين للكفار، وقيل: من كلام الله تعالى رداً عليهم. قوله: (موقع عظيم) أي وهو التبكيت والتقبيح عليهم.