الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ } * { وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ }

قوله: { يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ } يحتمل أن يكون من كلام الله، أو الملائكة، أو المؤمنين، والمراد بالعباد جميع الكفار، فأل للجنس، وقيل: المراد بالعباد نفس الرسل، و { عَلَى } بمعنى من، والقائل ذلك الكفار، والتقدير: يا حسرة علينا من مخالفة العباد، والأوجه الأول الذي مشى عليه المفسر. قوله: { إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } الجملة حالية من مفعول { يَأْتِيهِمْ }. قوله: (مسوق) إلخ. أي فهو استئناف واقع في جواب سؤال مقدر، كأنه قيل: ما وجه التحسر عليهم؟ قيل: { مَا يَأْتِيهِمْ } إلخ. قوله: (لبيان سببها) أي بواسطة، فإن الاستهزاء سبب لأهلاكهم، وهو سبب للحسرة. قوله: (لاشتماله) أي دلالته

قوله: { أَلَمْ يَرَوْاْ } إلخ، رأى علمية، و { كَمْ } خبرية مفعول لأهلكنا مقدم، و { قَبْلَهُمْ } ظرف لأهلكنا، و { مِّنَ ٱلْقُرُونِ } بيان لكم. قوله: (والاستفهام للتقرير) أي وهو حمل المخاطب على الإقرار بما بعد النفي. قوله: (معمولة لما بعدها) أي وليست معمولة ليروا، لأن { كَمْ } الخبرية لها الصدارة، فلا يعمل ما قبلها فيها. قوله: (معلقة ما قبلها عن العمل). إن قلت: إن { كَمْ } الخبرية لا تعلق، وإنما التعلق للاستفهامية، قال ابن مالك:
وإن ولا لام ابتداء أو قسم   كذا والاستفهام ذا له انحتم
أجيب: بأن الخبرية أجريت مجرى الاستفهامية في التعليق. قوله: (والمعنى أنا) { أَهْلَكْنَا } أي وقد علموا ذلك. قوله: (بدل مما قبله) أي بدل اشتمال، لأن إهلاكهم مشتمل ومستلزم لعدم ورجوعهم، أو يدل كل من كل، بناء على تنزيل التلازم منزلة التماثل، كأن إهلاكهم غير رجوعهم. قوله: (برعاية المعنى المذكور) أي وهو قوله: (أنا) { أَهْلَكْنَا } إلخ، والمعنى: قد علموا إهلاكنا كثيراً من القرون السابقة، المشتمل على عدم عودهم إلى هؤلاء الباقين وهم أهل مكة، فينبغي أن يعتبروا بهم. قوله: (نافية) أي و { لَّمَّا } بالتشديد بمعنى إلا، وقوله: (أو مخففة) أي مهملة، ولما بالتخفيف واللام فارقة. قوله: (وما زائدة) للتأكيد، فقد أغنت عن الحصر المستفاد من قراءة التشديد، فتحصل أن من شدد { لَّمَّا } جعلها بمعنى إلا، و { إِن } نافية، وهذا باتفاق البصريين والكوفيين، ومن خفف { لَّمَّا } فالبصريون على أن { إِن } مخففة، واللام فارقة، وما زائدة، وجوز الكوفيين جعل { لَّمَّا } بمعنى إلا، و { إِن } نافية، والقراءتان سبعيتان. قوله: (أي كل الخلائق) أشار بذلك إلى أن التنوين عوض عن المضاف إليه. قوله: (أي مجموعون) دفع بذلك ما يتوهم من ذكر الاستغناء بها عن الجميع، فأجاب: بأن { كُلٌّ } أشير بها لاستغراق الأفراد، و { جَمِيعٌ } أشير بها لاجتماع الكل في مكان واحد للحشر.