الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ } * { وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ } * { وَلاَ ٱلظُّلُمَاتُ وَلاَ ٱلنُّورُ } * { وَلاَ ٱلظِّلُّ وَلاَ ٱلْحَرُورُ } * { وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَحْيَآءُ وَلاَ ٱلأَمْوَاتُ إِنَّ ٱللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي ٱلْقُبُورِ } * { إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ } * { إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ بِٱلْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ }

قوله: { وَازِرَةٌ } فاعل { تَزِرُ } وهو صفة لموصوف محذوف قدره المفسر بقوله: (نفس) والمعنى لا تحمل نفس وازرة وزر نفس أخرى، وأما غير الوزارة، فتحصل وزر الوزارة، بمعنى تشفع لها في غفرانه، لا بمعنى أنه ينتقل من الوزارة لغيرها. إن قلت: ما الجمع بين هذه الآية، وبين قوله تعالى:وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ } [العنكبوت: 13] الآية؟ أجيب: بأن تلك الآية محمولة على من ضل، وتسبب في الضلال لغيره، فعليه وزر ضلالة، ووزر تسببه، لأن تسببه من فعله، فلم يحمل إلا أثقال نفسه، فرجع الأمر إلى أن الإنسان لا يحمل وزر غيره أصله، بل كل نفس بما كسبت رهينة.

قوله: { وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا } أي وإن تدع نفس مثقلة بالذنوب نفساً إلى حملها، وهو بالكسر ما يحمل على ظهر أو رأس، وبالفتح ما كان في البطن أو على رأس شجرة. قوله: { لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ } العامة على قراءة يجمل مبيناً للمفعول، و { شَيْءٌ } نائب الفاعل، وقرئ شذوذاً تحمل، بفتح التاء وكسر الميم، مسنداً إلى ضمير النفس المحذوفة، وشيئاً مفعول تحمل. قوله: { وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ } العامة على قراءة { ذَا } بالنصب خبر { كَانَ } واسمها ضمير يعود على (المدعو) كما قدره المفسر, وقرئ شذوذاً بالرفع على أن { كَانَ } تامة، والمعنى وإن تدع نفس مذنبة مذنبة نفساً أخرى، إلى حمل شيء من ذنبها، لا يحمل منه شيء، ولو كانت تلك النفس الأخرى قريبة للداعية، كابنها أو أبيها، لما ورد: يلقى الأب والأم فيقولان له: يا بني احمل عنا بعض، فيقول: لا أستطيع حسبي ما علي. قوله: (وفي الشقين) أي الحمل القهري والاختياري. قوله: (حكم من الله تعالى) أي وهو لا يخلو عن حكمة عظيمة.

قوله: { إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ } { إِنَّمَا } أداة حصر، والمعنى أن إنذارك مقصور على الذين يخشون ربهم، وقوله: { بِٱلْغَيْبِ } حال من فاعل قوله: { يَخْشَوْنَ } أي يخشونه، حال كونهم غائبين عنه، فالغيبة وصف العبيد لا وصف الرب، فإن وصف الرب قرب، قال تعالى:وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ } [ق: 16] ووصف العبيد الغيبة والحجاب، فالعبيد محجوبون عن ربهم بصفات جلاله، ويصح أن يكون حالاً من المفعول، أي يخشونه، والحال أنه غائب عنهم، أي محتجب بجلاله فلا يرونه، وإلى هذا أشار المفسر بقوله: (وما رأوه) فعدم رؤية الله تعالى، إنما هو من تحجبه بصفات الجلال، فإذا تجلى بالجمال رأته الأبصار، وذلك يحصل في الآخرة لأهل الإيمان، وقد حصل في الدنيا لسيد الخلق على الإطلاق، وقد يتجلى بالجمال للقلوب في الدنيا فتراه، وهي الجنة المعجلة لأهل الله المقربين. قوله: (لأنهم المنتفعون بالإنذار) جواب عما يقال: كيف قصر الإنذار على أهل الخشية، مع أنه لجميع المكلفين.

السابقالتالي
2