الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ ٱلْقِطْرِ وَمِنَ ٱلْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ } * { يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَٱلْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ٱعْمَلُوۤاْ آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ }

قوله: { وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ } الجار والمجرور متعلق بمحذوف قدره المفسر بقوله: (سخرنا) بدليل التصريح به في قوله تعالى:فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ } [ص: 36]. قوله: (بتقدير تسخير) أي فالجار والمجرور خبر مقدم، و { ٱلرِّيحَ } مبتدأ مؤخر على حذف مضاف، والأصل وتسخير الريح كائن لسليمان، فحذف المضاف إليه مقامه. قوله: { غُدُوُّهَا شَهْرٌ } مبتدأ وخبر، والمعنى سيرها من الغداة إلى الزوال، مسيرة شهر للسائر المجد، ومن الزوال للغروب مسيرة شهر، عن الحسن: كان سليمان يغدو من دمشق فيقيل في اصطخر، وبينهما مسيرة شهر، ثم يروح من اصطخر فيبيت ببابل، وبينهما مسيرة شهر للراكب المسرع، وتقدم أن الريح تحمل البساطة بجيوشه لأي جهة توجه إليها، فالعاصف تقلع البساط، والرخاء تسيره.

قوله: { وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ ٱلْقِطْرِ } أي جعلنا النحاس في معدنه جارياً كالعين النابعة من الأرض، وكانت تلك العين باليمن. قوله: (فأجريت له ثلاثة أيام) قيل: مرة واحدة، وقيل: كان يسيل في كل شهر ثلاثة أيام. قوله: (وعمل الناس) إلخ، مبتدأ خبره قوله: (مما أعطي سليمان) أي صنع الناس، وإذابته بالنار من آثار كرامة سليمان، لأنه قبل ذلك لم يكن يلين بنار ولا غيرها. قوله: { مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ } يصح أن يكون مبتدأ خبره الجار والمجرور قبله، ويصح أن يكون مفعولاً لمحذوف تقديره: وسخرنا من الجن من يعمل، ومن على كل حال واقعة على فريق. قوله: (بطاعته) أي بطاعة سليمان. قوله: (بأن يضربه ملك) إلخ، أي فقد وكل الله ملكاً بالجن المسخرين لسليمان، وجعل في يده سوطاً من نار، فمن زاغ منهم عن طاعة سليمان، ضربه الله بذلك السوط ضربة أحرقته. قوله: (أبنية مرتفعة) أي مساجد وغيرها، وسميت بذلك لأن صاحبها يحارب فيها غيره لحمايتها، وقيل: المراد بالمحاريب خصوص المساجد، والأقرب ما قاله المفسر، وليس المراد بها الطاقات التي تقف فيها الأئمة في المساجد، إذ هي حادثة في المساجد بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وسميت بالمحاريب تشبيهاً لها بالأبنية المرتفعة، لأنها رفيعة القدر، ولذا خصوها بالأئمة.

قوله: { وَتَمَاثِيلَ } قال بعضهم: إنها صور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والعلماء، كانت تصور في المساجد ليراها الناس، فيزدادوا عبادة واجتهاداً، يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " إن أولئك كان إذا مات فيهم الرجل الصالح، بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك الصورة " أي ليذكروا عبادتهم، فيجتهدوا في العبادة. قوله: (ولم يكن اتخاذ الصور حراماً) إلخ، جواب عما يقال: إن اتخاذ الصور حرام، فكيف يليق اتخاذها من سليمان؟ واعلم أن اتخاذها على العباد. قوله: (وهي حوض كبير) أي وسمي جابية، لأن الماء يجبى فيه أي يجمع. قوله: { آلَ دَاوُودَ } المراد سليمان وأهل بيته.

السابقالتالي
2