الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } * { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يٰبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }

قوله: { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ } اختلف في لقمان، فقيل اسم عجمي ممنوع الصرف للعلمية والعجمة، وقيل عربي ومنع من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون، واختلف فيه أيضاً، فقيل هو لقمان بن فاغور بن ناخور بن تارخ وهو آزر، فعلى هذا هو ابن أخي إبراهيم الخليل عليه السلام، وقيل كان ابن أخت أيوب، وقيل كان ابن خالته، يقال إنه عاش ألف سنة حتى أدرك داود، واتفق العلماء على أنه كان حكيماً ولم يكن نبياً، إلا عكرمة والشعبي فقالا بنبوته، وقيل خيِّر بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة، وروي أنه كان نائماً في وسط النهار، فنودي يا لقمان، هل لك أن نجعلك خليفة في الأرض، فتحكم بين الناس بالحق؟ فأجاب الصوت فقال: إن خيرني رب قبلت العافية ولم أقبل البلاء، وإن عزم علي فسمعاً وطاعة، فإني أعلم أن الله تعالى، إن فعل بي ذلك أعانني وعصمني، فقالت الملائكة بصوت لابراهيم: لم يا لقمان؟ قال: إن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها، يغشاء المظلوم من كل مكان، إن عدل نجا، وإن أخطأ الطريق أخطأ طريق الجنة، ومن يكن في الدنيا ذليلاً، خير من أن يكون شريفاً، ومن يختر الدنيا على الآخرة، تفتنه الدنيا ولم يصب الآخرة، فعجبت الملائكة من حسن منطقه، فنام نومه فأعطي الحكمة، فانتبه وهو يتكلم بها، ثم نودي بها داود بعده فقبلها، وكان لقمان يؤازر داود لحكمته، وقيل كان خياطاً، وقيل كان راعي غنم، فروي أنه لقيه رجل وهو يتكلم بالحكمة فقال: ألست فلاناً الراعي؟ قال: بلى، قال: فيم بلغت ما بلغت؟ قال: بصدق الحديث وأداء الأمانة وترك ما يعنيني. قوله: (منها العمل والديانة) أي فالحكمة هي العلم والعمل، ولا يسمى الرجل حكيماً حتى يجمعها، وقيل الحكمة المعرفة والأمانة، وقيل هي نور في القلب، يدرك به الأشياء كما تدرك بالبصر. قوله: (وحكمة كثيرة) قال وهب: تكلم لقمان باثني عشر ألف باب من الحكمة، أدخلها الناس في كلامهم. قوله: (وقال في ذلك) أي في شأن الاعتذار عن ترك الفتيا. قوله: (وقلنا له أن) { ٱشْكُرْ } إلخ، أشار بذلك إلى أن أن زائدة، وجملة { أَنِ ٱشْكُرْ } مقول القول، والأنسب (أن) تفسيرية لتقدم جملة فيها معنى القول دون حروفه. قوله: (وما أعطاك من الحكمة) أي فهي نعمة يجب الشكر عليها بصرفها في مصارفها. قوله: { وَمَن يَشْكُرْ } إلخ، تعليل للأمر بالشكر. قوله: (محمود في صنعه) أي فهو حقيق بأن يحمد من دون المخلوقات.

قوله: { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ } أي واسمه ثاران وقيل مشكم وقيل أنعم، قيل كان ابنه وامرأته كافرين، فما زال يعظهما حتى أسلما، قيل وضع لقمان جراباً من خردل إلى جنبه، وجعل يعظ ابنه موعظة موعظة، ويخرج خردلة خردلة، فنفد الخردل فقال: يا بني وعظتك موعظة ولو وعظتها جبلاً لتفطر، فتفطر ابنه ومات.

السابقالتالي
2