الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } * { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْوَهَّابُ } * { رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ }

قوله: { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ } قيل سبب نزولها أن وفد نجران قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ألست تقول إن عيسى روح الله وكلمته؟ فقال نعم، فقالوا حسنا أي يكفينا ذلك في كونه ابن الله، فنزلت الآية، والمعنى أن الله أنزل القرآن منه محكم ومنه متشابه، وقوله روح الله وكلمته من المتشابة الذي لا يعرفون معناه ولا يفهمون تأويله، بل معنى ذلك أنه روح من الله أي نوره وكلمته، بمعنى أنه قال له كن فكان، فهو عبد من جملة العباد ميزه الله بالنبوة والرسالة. قوله: (أصله) إنما فسر الأم بذلك لصحة الأخبار بالمفرد عن الجمع، لأن الأصل يصدق بالمتعدد. وأجيب أيضاً بأنه عبر بالمفرد إشارة إلى أن المجموع بمنزلة آية واحدة على حد (وجعلنا ابن مريم وأمه آية) وما سلكه المفسر أظهر. قوله: (المعتمد عليه في الأحكام) أي الذي يعول عليه في أحكام الدين والدنيا هو المحكم، وأما المتشابة فلم يكلف بمعرفة معناه بل نؤمن به ونفوض علمه لله.

قوله: { وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ }. إن قلت هلا نزل كله محكماً لأنه نزل لارشاد العباد ومداره على المحكم لا على المتشابه؟ أجيب بأنه نزل على أسلوب العرب، فإن أسلوبهم التعبير بالمجاز والكناية والتلميح وغير ذلك من المستحسنات، فلو نزل كله محكماً لقالت العرب إن القرآن على لغتنا فهلا ذكر فيه مستحسنات لغاتنا. قوله: (لا يفهم معانيها) أي إلا بفكر وتأمل كما هو مذهب الخلف. قوله: (كأوائل السور) أي بعضها وأدخلت الكاف باقي الآيات المتشابهة. قوله: (وجعله كله محكماً الخ) جواب عن سؤال مقدر كأن قائلاً قال هذه الآية بينت أن القرآن بعضه محكم وبعضه متشابه، وآية أخرى بينت أن كله محكم وآية أخرى أفادت أن كله متشابه، فبين هذه الآيات تناف أجاب المفسر بما ذكره. قوله: (بمعنى أنه ليس فيه عيب) أي لا في ألفاظه ولا في معانيه. قوله: (في الحسن والصدق) قال ابن عباس: تفسير القرآن أربعة أقسام: قسم لا يسع أحداً جهله كقوله:قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } [الأخلاص: 1]، وقسم يتوقف على معرفة لغات العرب كقوله:قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي } [طه: 18]، وقسم تعرفه العلماء الراسخون في العلم، وقسم لا يعلمه إلا الله، وخل تحت القسمين الأخيرين المتشابه، وحكمة الإتيان بالمتشابه الزيادة في الاعجاز عن الإتيان بمثله، فإن المحكم وإن فهموا معناه إلا أنهم عجزوا عن الإتيان بلفظ مثل ألفاظه، والمتشابه عجزوا عن فهم معناه ما عجزوا عن الإتيان بمثله. قوله: (ميل عن الحق) أي إلى الباطل. قوله: (بوقوعهم في الشبهات واللبس) أي كنصارى نجران ومن حذا حذوهم ممن أخذ بظاهر القرآن، فإن العلماء ذكروا أن من أصول الكفر الأخذ بظواهر الكتاب والسنة.

السابقالتالي
2