الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ لَتُبْلَوُنَّ فِيۤ أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } * { وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَٱشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ }

قوله: { لَتُبْلَوُنَّ } أخبار من الله للمؤمنين بأنه سيقع لهم بلايا من الله بلا واسطة، ومن الكفار أذى كثير في أموالهم وأعراضهم وأنفسهم، وأمر منه لهم بالصبر حين وقوع ذلك، لأن الجنة حفت بالمكاره، واللام موطئه لقسم محذوف، وتبلون فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه النون المحذوفة لتوالي النونات، والواو نائب فاعل، والنون للتوكيد، وأصله تبلوون أكد فصار تبلونن، ثم أتى باللام لتدل على القسم المحذوف تحركت الواو الأولى التي هي اللام الكلمة، وانفتح ما قبلها ألفاً فالتقى ساكنان، حذفت الألف لالتقاء الساكنين، ثم حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال، ثم حركت الواو بحركة مجانسة لها. قوله: (لالتقاء الساكنين) علة لمحذوف تقديره وحذفت الألف المنقلبة عن الواو الأولى لإلقتاء الساكنين. قوله: (لتختبرن) حل لمعنى لتبلون، والمعنى يعاملكم معاملة المختبر وإلا فهو أعلم بكم من أنفسكم. قوله: (بالفرائض فيها) أي كالزكاة والكفارات والنذور، وقوله: (والحوائج) أي الأمور السماوية التي تهلك الزرع، كالجراد والفأر والظلمة، قوله: (بالعبادات) أي التكاليف بها، وقوله: (والبلاء) أي الذي يصيب الإنسان في نفسه، كالعمى والجراحات وغير ذلك.

قوله: { مِن قَبْلِكُمْ } جار ومجرور حال من قوله: { ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } وأصل لتسمعن تسمعون أكد بالنن ولام القسم، حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال فالتي ساكنان، حذفت الواو لالتقائهما ولوجود الضمة التي تدل عيها. قوله: (والتشبيب بنسائكم) أي بذكر محاسنهن وأوصافهن بالقصائد وتناشدها بينهم، وكان يفعل ذلك كعب بن الأشرف لعنه الله. قوله: (على ذلك) أي المذكور من الإبتلاء في الأموال والأنفس، وسماع الأذى من أهل الكتاب. قوله: (لوجوبها) أي فالصبر على ما ذكر والتقوى لله من الأمور الواجبة، فإن من علامة الإيمان الصبر والتقوى، وقبيح على الإنسان يدعي محبة الله ثم لم يصبر على أحكامه. قال العارف:
تدعى مذهب الهوى ثم تشكو   أين دعواك في الهوى يا معنى
لو وجدناك صابراً لبلانا   لعطيناك كل ما تتمنى
قوله: (بالياء والتاء في الفعلين) أي وهما ليبيننه ولا يكتمونه وهما قراءتان سبعيتان فعلى الياء إخبار عنهم وعلى التاء حكاية للحال الماضية. قوله: { فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ } كناية عن عدم التمسك به، لأن من لم يتمسك بشيء ولم يعتنه طرحه خلف ظهره. قوله: (شراؤهم) أشار به إلى أن ما مؤولة بمصدر فاعل بئس، وقوله: (هذا) هو المخصوص بالذم، وهذه الآية وإن وردت في الكفار تجر بذيلها على عصاة المؤمنين الذين يكتمون الحق وينصرون الباطل. قوله: (بالياء والتاء) فعلى التاء الخطاب للنبي أو لمن يصلح له الخطاب و { ٱلَّذِينَ } مفعول أول، والمفعول الثاني محذوف دل عليه.