الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } * { فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلْفُلْكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } * { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ يَعلَمُونَ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَكْفُرُونَ } * { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ } * { وَٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ }

قوله: { وَمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَآ } أشار بذلك إلى أن الدنيا حقيرة لا تزن جناح بعوضة، فينبغي للعاقل التجافي عنها، ويأخذ منها بقدر ما يوصله للآخرة، قال بعض العارفين:
تأمل في الوجود بعين فكر   ترى الدنيا الدنية كالخيال
ومن فيها جميعاً سوف يفنى   ويبقى وجه ربك ذو الجلال
قوله: { إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ } اللهو الاشتغال بما فيه نفع عاجل، واللعب الاشتغال بما لا نفع فيه أصلاً. قوله: (وأما القرب) أي كالتوحيد والذكر والعبادة. قوله: (بمعنى الحياة) أي الدائمة الخالدة الي لا زوال فيها. قوله: (ما آثروا الدنيا عليها) جواب لو، أي ما قدموا لذة الدنيا على الآخرة. قوله: { فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلْفُلْكِ } الخ. أي وذلك لأن الكفار كانوا إذا ركبوا البحر حملوا معهم الأصنام، فإذا اشتدت الريح، ألقوها في البحر وقالوا: يا رب يا رب، ودعوا الله مخلصين حالة الكرب. قوله: { إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } جواب لما، والمعنى عادوا إلى شركهم لأجل كفرهم بما أعطاهم الله، وتلذذهم بأعراض الدنيا، فلم يقابلوا النعم بالشكر بخلاف المؤمنين. قوله: { لِيَكْفُرُواْ } اللام لام العاقبة والصيرورة، وقوله: { وَلِيَتَمَتَّعُواْ } عطف عليه. قوله: (وفي قراءة بسكون اللام) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (أمر تهديد) أي في الفعلين، بدليل الوعيد المرتب عليهما بقوله: { فَسَوْفَ يَعلَمُونَ } فالحاصل أنه إذا سكت اللام في الثاني، تعين كونها للأمر في الفعلين، وإن لم تسكن كانت في الفعلين للعاقبة والصيرورة.

قوله: { أَوَلَمْ يَرَوْاْ } الهمزة داخلة على محذوف، والواو عاطفة عليه، والتقدير أعموا ولم يروا، الخ. قوله: { وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ } الجملة حالية على تقدير المبتدأ، أي وهم يتخطف، الخ. قوله: (أي لا أحد) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري بمعنى النفي. قوله: { وَٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } قال المفسرون: إن هذه الآية نزلت قبل الأمر بالجهاد لكونها مكية، وحينئذ فالمراد بالجهاد فيها جهاد النفس، قال الحسن: الجهاد مخالفة الهوى، وقال الفضيل بن عياض: والذين جاهدوا في طلب العلم، لنهدينهم سبل العمل به، وقال سهل بن عبد الله: والذين جاهدوا في طاعتنا لنهدينهم سبل ثوابنا. وقيل: الذين جاهدوا فيما علموا، لنهدينّهم إلى ما لم يعلموا، لما في الحديث: " من عمل بما علم علمه الله علم ما لم يعلم " وقوله: { لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } أي طرق الوصول إلى مرضاتنا، فالطريق هي العمل بالأحكام الشرعية، وثمرتها الحقيقة، وهي العلوم والمعارف المشار اليها بقوله تعالى:وَأَلَّوِ ٱسْتَقَامُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً } [الجن: 16]. قوله: { لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ } فيه إقامة الظاهر مقام المضمر، لإظهار شرفهم بوصف الإحسان، والمعنى وإن الله لمعهم بالعون والنصر والمحبة، فهي معية خاصة، واليها الاشارة بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: " فإذا أجبته كنت سمعه الذي يسمع به " الحديث.