الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ } * { وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِٱلأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ } * { تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَٱلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }

قوله: { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ } قال أهل العلم بالأخبار والسير: كان قارون أعلم بني إسرائيل بعد موسى وهارون، وأقرأهم للتوراة، وأجملهم وأغناهم، وكان حسن الصوت، فبغى وطغى واعتزل بأتباعه، وجعل موسى يداريه للقرابة التي بينهما، وهو يؤذيه في كل وقت، ولا يزيد إلا عتواً وتجبراً ومعاداة لموسى، حتى بنى داراً، وجعل بابها من الذهب، وضرب على جدرانها صفائح الذهب، وكان الملأ من بني إسرائيل يغدون إليه ويروحون، ويطعمهم الطعام، ويحدثونه ويضاحكونه، قال ابن عباس: فلما نزلت الزكاة على موسى، أتاه قارون فصالحه عن كل ألف دينار على دينار واحد، وعن كل ألف درهم على درهم، وعن كل ألف شاة على شاة، وكذلك سائر الأشياء ثم رجع إلى بيته فحسبه، فوجده شيئاً كثيراً فلم تسمح نفسه بذلك، فجمع بني إسرائيل وقال لهم: إن موسى قد أمركم بكل شيء، فأطعتموه وهو يريد أن يأخذ أموالكم، قالت بنو إسرائيل: أنت كبيرنا فمرنا بما شئت، قال: آمركم أن تأتونا بفلانة الزانية، فنجعل لها جعلاً، على أن تقذف موسى بنفسها، فإذا فعلت ذلك، خرج عليه بنو إسرائيل ورفضوه، فدعوها فجعل لها قارون ألف دينار وألف درهم، وقيل جعل لها طشتاً من ذهب، وقيل قال لها قارون: أموِّلك وأخلطك بنسائي، على أن تقذفي موسى بنفسك غداً، إذا حضر بنو إسرائيل، فلما كان من الغد، جمع قارون بني إسرائيل، ثم أتى إلى موسى فقال له: إن بني إسرائيل ينتظرون خروجك لتأمرهم وتنهاهم، فخرج إليهم موسى، وهم في براح من الأرض، فقام فيهم فقال: يا بني إسرائيل، من سرق قطعنا يده، ومن افترى جلدناه ثمانين، ومن زنى وليست له امرأة جلدناه مائة، ومن زنى وله امرأة رجمناه حتى يموت. قال قارون: وإن كنت أنت؟ قال: وإن كنت أنا. قال: فإن بني إسرائيل، يزعمون أنك فجرت بفلانة الزانية، قال موسى: ادعوها، فلما جاءت قال لها موسى: يا فلانة، أنا فعلت بك ما يقول هؤلاء؟ وعظم عليها وسألها بالذي فلق البحر لبني إسرائيل وأنزل التوراة إلا صدقت، فتداركها الله بالتوفيق فقالت في نفسها، أحدث توبة أفضل من أن أؤذي رسول الله، فقالت: لا والله، ولكن جعل لي قارون جعلاً، على أن أقذفك بنفسي، فخر موسى ساجداً يبكي، وقال: اللهم إن كنت رسولك فاغضب لي، فأوحى الله إليه إني أمرت الأرض أن تطيعك، فمرها بما شئت، فقال موسى: يا بني إسرائيل، إن الله بعثني إلى قارون، كما بعثني إلى فرعو، فمن كان معه فليثبت مكانه، ومن كان معي فليعتزل، فاعتزلوا، فلم يبق مع قارون إلا رجلان، قال موسى: يا أرض خذيهم، فأخذتهم الأرض بأقدامهم، ثم قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى الركب، ثم قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم الأرض إلى أوساطهم، ثم قال يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى الأعناق، وأصحابه في كل ذلك يتضرعون إلى موسى ويناشده قارون الله والرحم، حتى قيل إنه ناشده سبعين مرة، وموسى في ذلك لا يلتفت إليه لشدة غضبه، ثم قال: يا أرض خذيبهم، فانطبقت عليهم.

السابقالتالي
2