الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ } * { أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ } * { قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } * { قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ } * { أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمُ ٱلأَقْدَمُونَ } * { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } * { ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ } * { وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ } * { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } * { وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ }

قوله: { قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ } أتى بالمضارع إشارة إلى أن هذا الوصف مستمر وثابت في الأصنام في الماضي والحال والاستقبال، ولا بد من محذوف هنا، دل عليه قوله: { إِذْ تَدْعُونَ } تقديره هل يسمعون دعاءكم، قوله: { إِذْ تَدْعُونَ } { إِذْ } هنا بمعنى إذا، استحضاراً للحال الماضية وحكاية لها تبكيتاً عليهم. قوله: { قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ } الخ، هذا الجواب يفيد تسليم ما قاله إبراهيم، وإنما اعتذروا عن ذلك بالتقليد، فلما لم يجدوا مخلصاً غيره احتجوا به. قوله: { قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ } الهمزة داخلة على محذوف، والفاء عاطفة عليه، والتقدير أتأملتم فعلكم أو أبصرتم ما كنتم تعبدون. قوله: { وَآبَآؤُكُمُ } عطف على الضمير في { تَعْبُدُونَ } وهو ضمير رفع متصل، فلذا فصل بالضمير المنفصل، قال ابن مالك:
وإن على ضمير رفع متصل   عطفت فافصل بالضمير المنفصل
قوله: { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ } أسند العداوة لنفسه تعريضاً بهم، وهو أبلغ في النصيحة من التصريح بأن يقول فإنهم عدو لكم، إن قلت: كيف وصف الأصنام بالعداوة وهي لا تعقل؟ أجيب بأجوبة منها: أن المعنى عدو لي يوم القيامة إن عبدتهم في الدنيا، ومنها أن الكلام على حذف مضاف؛ أي فإن أصحابهم عدو لي، ومنها أن الكلام على القلب أي فإني عدو لهم. قوله: { إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } أشار المفسر بقوله: (لكن) إلى أن الاستثناء منقطع، والمعنى لكن رب العالمين ليس بعدوي، بل هو ولي في الدنيا والآخرة. قوله: { ٱلَّذِي خَلَقَنِي } نعت لرب العالمين، أو بدل أو عطف بيان أو خبر لمحذوف، وما بعده عطف عليه. قوله: { فَهُوَ يَهْدِينِ } أتى بالفاء هنا، وفي قوله: { يَشْفِينِ } لترتب الهداية على الخلق والشفاء على المرض، بخلاف الإطعام والإسقاء، فليس بينهما ترتب، وأتى بثم في جانب الأحياء، لبعد زمنه عن زمن الموت، لأن المراد به الاحياء في الآخرة، قوله: (إلى مدين) أي وغيره من مصالح دنياي وآخرتي، وإنما خص الدين، لأن المقام للرد ولأنه أهم.

قوله: { وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ } أي في الدنيا والآخرة. قوله: { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } أسند المرض لنفسه، وإن كان الكل من الله تأدباً كما قال تعالى:بِيَدِكَ ٱلْخَيْرُ } [آل عمران: 26] ولم يقل الشر، وقال الخضر:فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا } [الكهف: 79]، وقالفَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا } [الكهف: 82].