الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَٱلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ ٱلْغَاوُونَ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ } * { وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَذَكَرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱنتَصَرُواْ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ وَسَيَعْلَمْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ }

قوله: { وَٱلشُّعَرَآءُ } أي الذي يستعملون الشعر، وهو الكلام الموزون بأوزان عربية المقفى قصدا، والمراد شعراء الكفار الذين كانوا يهجون رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم: عبد الله بن الزبعرى السهمي، وهبيرة بن أبي وهب المخزومي، ومسافع بن عبد مناف، وأبو عزة عمرو بن عبد الله الجمحي، وأمية بن أبي الصلت الثقفي، تكلموا بالكذب والباطل وقالوا نحن نقول مثل ما يقول محمد، وقالوا الشعر، واجتمع إليهم غواة قومهم يسمعون أشعارهم. قوله: (من أودية الكلام وفنونه) أشار بذلك إلى أن الشعراء يخوضون في كل كلام، فهم مشبهون بالهائم في الأودية الذي لا يدري أين يتوجه. قوله: (يمضون) أي يخوضون. قوله: (أي يكذبون) أي لأنهم يمدحون الكرم والشجاعة ويحثون عليهما، ولا يفعلون ما ذكر، ويذمون ضدهما ويصرون عليه، ويهجون الناس بأدنى شيء صدر منهم.

قوله: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } سبب نزولها: أن كعب بن مالك قال للنبي صلى الله عليه وسلم: قد أنزل في الشعر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه، والذي نفسي بيده، لكأن ما ترمونهم به نضح النبل ". وقوله: قد أنزل في الشعر، أي أنزل القرآن في ذم الشعر وأهله. قوله: (من الشعراء) أي ومنهم حسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك وغيرهم. واعلم أن الشعر منه مذموم، وهو مدح من لا يجوز مدحه، وذم من لا يجوز ذمه، وعليه تتخرج الآية الأولى، وقوله عليه السلام: " لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً ودماً، خير له من أن يتملئ شعراً ". ومنه ممدوح، وهو مدح من يجوز مدحه، وذم من يجوز ذمه، وعليه تتخرج الآية الثانية. وقوله صلى الله عليه وسلم: " إن من الشعر لحكمة " وقال الشعبي: كان أبو بكر يقول الشعر، وكان عمر يقول الشعر، وكان عثمان يقول الشعر وكان علي أشعر من الثلاثة، وروي عن ابن عباس أنه كان ينشد الشعر في المسجد ويستنشده، فروي أنه دعا عمر بن أبي ربيعة المخزومي، فاستنشده قصيدة فأنشدها اياها، وهي قريب من تسعين بيتاً، ثم إن ابن عباس أعاد القصيدة جميعها، وكان حفظها من مرة واحدة، وروي أنه عليه السلام قال يوم قريظة لحسان: " اهج المشركين فإن جبريل معك ". وكان يضع له منبراً في المسجد، يقوم عليه قائماً، يفاخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وينافح، ويقول رسول الله: " إن الله يؤد حسان بروح القدس ما نافح أو فاخر عن رسول الله ". وروي عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

السابقالتالي
2