الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } * { وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُّقَرَّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً } * { لاَّ تَدْعُواْ ٱلْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً } * { قُلْ أَذٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَآءً وَمَصِيراً }

قوله: { إِذَا رَأَتْهُمْ } أي حقيقة بعينها لما في الحديث: " من كذب علي متعمداً، فليتبوأ بين عيني جهنم مقعداً، قيل يا رسول الله أولها عينان؟ قال أما سمعتم الله عز وجل يقول: { إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } يخرج عنق من النار له عينان يبصران، ولسان ينطق فيقول: " وكلت بمن جعل مع الله إلهاً آخر، فلهو أبصر به من الطير يحب السمسم فيلتقطه " وفي رواية: " يخرج عنق من النار يوم القيامة، له عينان يبصران، وأذنان يسمعان، ولسان ينطق يقول: إني وكلت بكل جبار عنيد، وبكل من دعا مع الله إلهاً آخر، وبالمصورين ". وهذا مذهب أهل السنة، وقالت المعتزلة: الكلام على حذف مضاف، أي رأت زبانيتها بناء منهم على أن الرؤية مشروطة بالحياة. قوله: { مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } قبل مسيرة سنة، وقيل مائة سنة، وقيل خمسمائة سنة. قوله: (أو سماع التغيظ رؤيته وعلمه) أشار بذلك إلى أن السماع ليس على حقيقته، بل المراد منه الرؤية والعلم. وأجيب أيضاً: بأن المراد سماع ما يدل عليه وهو الغليان، وقد أفاده أولاً، فتحصل أن المفسر أجاب بجوابين.

قوله: { وَإَذَآ أُلْقُواْ } أي طرحوا. قوله: { مَكَاناً } منصوب على الظرفية أي في مكان. قوله: (بالتشديد والتخفيف) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (بأن يضيق عليهم) أي كضيق الحائط على الوتد الذي يدق فيه بعنف. قوله: (لأنه في الأصل صفة له) أي وهو نكرة، ومن المعلوم أن نعت النكرة إذا تقدم عليها يعرب حالاً، كقول الشاعر:
لمية موحشاً طلل   
والأصل لمية طلل موحش.

قوله: { مُّقَرَّنِينَ } حال من الواو في { أُلْقُواْ } والتقرين تقييد الأرجل وجمع الأيدي والأعناق في السلاسل. قوله: (مصفدين) من التصفيد وهو الشد والإيثاق بالقيود. قوله: { دَعَوْاْ هُنَالِكَ } أي في ذلك المكان. قوله: { ثُبُوراً } أي فيقولون: يا ثبوراه، هذا أوانك فاحضر، لأنه أخف مما هم فيه. قوله: (فيقال لهم) أي على سبيل التهكم والسخرية بهم. قوله: { ثُبُوراً وَاحِداً } أي مرة واحدة. قوله: (كعذابكم) تشبيه في الكثرة، وفي نسخة باللام، أي لأجل دوام عذابكم وكثرته، فينبغي أن يكون دعاؤكم كذلك. قوله: { قُلْ أَذٰلِكَ خَيْرٌ } الاستفهام للتوبيخ والتقريع، وإلا فليس في النار خير. قوله: (في علمه تعالى) جواب عما يقال: إنها لم تكن جزاء ومصيراً الآن، فأجاب: بأن المعنى قد سبق علم الله، بأنها تكون لهم جزاء ومصيراً. قوله: (مرجعاً) أي مستقراً.