الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } * { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ } * { وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا ٱلْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ ٱلصَّابِرِينَ } * { وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ }

قوله: { وَأَيُّوبَ } قدر (اذكر) إشارة إلى أن { أَيُّوبَ } معمول لمحذوف. قوله: (ويبدل منه) أي من أيوب، والمعنى اذكر قصة أيوب { إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ } ففي الحقيقة الإبدال من المضاف المقدر كما تقدم نظيره وسيأتي. قوله: (لما ابتلي) متعلق بنادى. قوله: (بفقد جميع ماله) أي فجملة ابتلاه الله به أربعة أمور. وحاصل قصته باختصار: أن أيوب كان رجلاً من الروم، وهو ابن أموص بن رازخ بن روم بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم، وكانت أمة من ولد لوط بن هاران أخي ابراهيم، وكان له من أصناف المال كله من الإبل والبقر والغنم والخيل والحمر، ما لا يكون لرجل أفضل منه في العدة والكثرة، وكان له خمسمائة فدان، يتبعها خمسمائة عبد، لكل عبد امرأة وولد ومال، وكان له أهل وولد من رجال ونساء، وكان نبياً تقياً شاكراً لأنعم ربه، وكان معه ثلاثة نفر قد آمنوا به، وكانوا كهولاً، وكان إبليس لا يحجب عن شيء من السماوات، فيقف فيهن من حيث ما أراد، فسمع صلاة الملائكة على أيوب فحسده وقال: إلهي نظرت في عبدك أيوب، فوجدته شاكراً حامداً لك، ولو ابتليته لرجع عن شكرك وطاعتك، فقال له الله: انطلق فقد سلطتك على ماله، فانطلق وجمع عفاريت الشياطين والجن وقال لهم: قد سلطت على مال أيوب، فقال عفريت: أعطيت من القوة، ما إذا شئت تحولت إعصاراً من نار فأحرقت كل شيء آتي عليه، قال إبليس: اذهب فائت الإبل ورعاتها، فلم يشعر الناس حتى ثار من تحت الأرض إعصار من نار، فأحرق الإبل ورعاتها، حتى أتى على آخرها، ثم جاء إبليس على صورة القيم على قعود إلى أيوب، فوجده قائماً يصلي فقال له: أحرقت نار إبلك ورعاتها، فقال أيوب: الحمد لله هو أعطانيها وهو أخذها، ثم سلط عفريتاً على الغنم ورعاتها، فصاح عليهم فماتوا جميعاً، وعلى الحرث فتحول ريحاً عاصفاً فأطارها، ثم جاء إبليس وأخبر أيوب بذلك، فحمد الله وأثنى عليه، فلما رأى أنه قد أفنى ماله ولم ينجح منه شيء، صعد إلى السماء وقال: يا رب سلطني على أولاده، فقال له: انطلق فقد سلطتك على أولاده، فذهب إليهم وزلزل بهم القصر وقلبه عليهم فماتوا جميعاً، ثم جاء في صورة المعلم الذي يعلمهم الحكمة، وهو جريح مشدوخ الرأس يسيل دمه، فأخبره بموت أولاده، وفصل له ذلك حتى رق قلبه وبكى، وقبض قبضة من التراب فوضعها على رأسه وقال: يا ليت أمي لم تلدني، ففرح إبليس وصعد إلى السماء سريعاً لينظر ما يفعل به، فأوحى الله إلى أيوب إنه إبليس فاستغفر، فوقف إبليس خاسئاً ذليلاً فقال: يا رب سلطني على جسده، فقال له: انطلق فقد سلطتك على جسده، غير قلبه ولسانه وعقله، فانقض عدو الله سريعاً، فأتاه فوجده ساجداً، فنفخ في منخريه نفخة اشتعل منها جسده، فخرج منها ثآليل مثل إليات الغنم، ووقعت فيه حكة، فحك بأظفاره حتى سقطت كلها، ثم حكها بالمسوح الخشنة حتى قطعها، ثم حكها بالفخار والحجارة الخشنة، فلم يزل كذلك حتى تقطع جسده وأنتن، فأخرجه أهل القرية وجعلوه على كناسة، وجعلوا له عريشاً، وهجره الناس كلهم إلا زوجته رحمة بنت أفراثيم بن يوسف بن يعقوب، فكانت تخدمه وتأتيه بالطعام، وهجره الثلاثة الذين آمنوا به، ولم يتركوا دينهم، ونقل أن سبب قوله: { أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ } أن الدود قصد قلبه ولسانه، فخشي أن يفتر عن الذكر، ولا ينافي صبره قوله: { أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ } لأن شكوى للخالق، وهي لا تنافي الصبر.

السابقالتالي
2 3