الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ } * { فَتَلَقَّىٰ ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَٰتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

قوله: { فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَانُ } أتى بالفاء إشارة إلى أن ذلك عقب الكسنى، والشيطان مأخوذ من شاط بمعنى احترق لأنه محروق بالنار، أو من شطن بمعنى بعد لأنه بعيد عن رحمة الله، والزلل الزلق وهو العثرة في الطين مثلاً فأطلق وأريد لازمه وهو الإذهاب. قوله: (وفي قراءة) أي سبعية لحمزة. قوله: (أي الجنة) ويحتمل أن الضمير عائد على الشجرة، وعن بمعنى الباء أي أوقعهما في الزلة بسب أكل الشجرة. قوله: (بأن قال لهما) أي وهو خارج الجنة وهما داخلها لكن أتوا على بابها فقال لهما ذلك، ويحتمل أنه دخل الجنة على صورة دابة من دوابها وخزنتها غفلوا عنه، ويحتمل أنه دخلها في فم الحية، ويحتمل أنه وسوس في الأرض فوصلت وسوسته لهما، إن قلت إن ذلك ظاهر في حواء لعدم عصمتها وما الحكم في آدم، أجيب بأنه اجتهد فأخطأ فسمى الله خطأه معصية، فلم يقع منه صغيرة ولا كبيرة، وإنما هو من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين فلم يتعمد المخالفة، ومن نسب التعمد والعصيان له بمعنى فعل الكبيرة أو الصغيرة فقد كفر، كما أن من نفى اسم العصيان عنه فقد كفر أيضاً لنص الآية.

قوله: { مِمَّا كَانَا فِيهِ } يحتمل أن ما اسم موصول، وما بعده صلته، أو نكرة موصوفة، وما بعدها صفة، وقوله من النعيم بيان لما. قوله: (أي أنتما الخ) أشار بذلك إلى حكمة الإتيان بالواو في اهبطوا أي الجمع باعتبار ما اشتملا عليه من الذرية، ويحتمل أن الأمر لآدم وحواء وإبليس والحية، فهبط آدم بالهند بمكان يقال له سرنديب، وحواء بجدة، وإبليس بالأبلة، والحية بأصبهان. قوله: (بعض الذرية) أشار بذلك إلى أن العداوة في الذرية لا في الأصول، ويحتمل أن يكون ذلك في بعض الأصول كالحية وإبليس، وأفرد عدواً إما مراعاة للفظ بعض أو لأنه يستعمل بلفظ واحد للمثنى والجمع. بقي شيء آخر وهو أنه تقدم لنا أن حواء خلقت داخل الجنة حين ألقى على آدم النوم، كيف ذلك مع أن الجنة لا نوم فيها، ولا يخرج أهلها منها ولا تكليف فيها، والثلاثة قد حصلت. أجيب بأن ذلك في الدخول يوم القيامة، وأما الدخول الأول فلا يمتنع فيه شيء من ذلك. قوله: (ألهمه إياها) أي فهم آدم من ربه تلك الكلمات. قوله: (وفي قراءة) أي سبعية لابن كثير. قوله: (بنصب أدم) أي على المفعولية، وقوله: (ورفع كلمات) أي على الفاعلية فتحصل أن التلقي نسبة تصلح للجانبين، يقال تلقيت زيداً وتلقاني زيد فالمعنى على القراءة الأولى، تعلم آدم الكلمات فحفظ بسببها من المهالك، وعلى الثانية الكلمات تلقت آدم من السقوط في المهاوي إذ لولاها لسقط فيه الدواء له، وأما إبليس فلم يجعل الله له دواء فالكلمات جاءته بالإسعاف وهو جاءها بالقبول والتسليم، ومن هنا أن الذاكر لا ينتفع بالذكر ولا بنور باطنه إلا إذا كان الشيخ عارفاً وأذنه في ذلك، والذاكر مشتاقاً كتلقي آدم الكلمات.

السابقالتالي
2