الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ ٱللَّهِ وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } * { لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي ٱلأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } * { ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

قوله: { لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ } أي لم يكلفك يا محمد ربك يخلق الهدى فيهم، بل كلفك بتبليغ شرعه، ويسمى هدى أيضاً، قال تعالى:وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } [الرعد: 7] بمعنى مبلغ ودال لهم على طريق الحق، فتحصل أن الهدى يطلق بمعنى الدلالة وهو مكلف به الأنبياء والعلماء، وبمعنى إيصال الخير للقلب، وهو لم يكلف به أحد، قال تعالى:إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ } [القصص: 56] ومن هنا قول العارف: من نظر للخلق بعين الحقيقة عذرهم، ومن نظر لهم بعين الشريعة مقتهم، فعذرهم بالنظر لخلق الله الضلال والهدى في قلوبهم، فالخالق للضلال والهدى والأفعال جميعها هو الله وحده، فمن نظر لذلك لم يستقبح فعل أحد لأنه فعل الله في الحقيقة قال العارف:
إذا ما رأيت الله في الكل فاعلا   رأيت جميع الكائنات ملاحا
وإن لم تر إلا مظاهر صنعه   حجبت فصيرت الحسان قباحا
ومقتهم بالنظر للتكليف الظاهري فالعبد مجبور في قالب مختار قوله: (هدايته) قدره إشارة إلى مفعول يشاء قوله: (لأن ثوابه لها) أي فلا يضيع الثواب سواء تصدق على مؤمن أو مشرك. قوله: (لا غيره من أعراض الدنيا) أي فلا تجعلوا نفقاتكم عليه إلا لوجه الله لا لشيء آخر لأن من كان مقصده وجه الله فلا يخيب أبداً كانت النفقة على مسلم أو كافر، بل ورد أن الله غفر لإنسان بسبب سقيه كلباً يلهث عطشاً. قوله: (خبر بمعنى النهي) راجع للجملة الثانية أي فهي خبرية لفظاً إنشائية معنى، والمعنى لا تجعلوا إنفاقكم إلا خالصاً لوجه الله لا لغرض آخر لا دنيوي ولا أخروي، وهذا هو المقام الأعلى، أو لا تقصدوا إلا وجه الله بمعنى ثوابه، وهذا أدنى منه، وارتكبه المفسر وإن كانت الآية محتملة لهما بالنظر لأخلاق العامة، والمعنى في هذه الجملة أن تكون خبرية لفظاً ومعنى وتكون قيداً فيما قبلها فالمعنى: { وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ } إن قصدتم بها وجه الله. قوله: { مِنْ خَيْرٍ } أي قليلاً أو كثيراً. قوله: (تنقصون منه شيئاً) أي سواء كان قليلاً أو كثيراً ولو خردلة. قوله: (للأولى) وهي. قوله: { وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ } قوله: (أي الصدقات) أي المتقدم ذكرها تصرف وتعطى للفقراء الذين أحصروا الخ. قوله: (في أهل الصفة) أي وهي محل في مؤخر المسجد النبوي، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فالمراد كل من كان متصفاً بأوصافهم فالصدقات تعطى له. قوله: (وهم أربعمائة) أي ورئيسهم عبد الرحمن بن صخر المكنى بأبي هريرة. قوله: (من المهاجرين) أي الذين هاجروا مع رسول الله من مكة وما حولها وتركوا أموالهم وديارهم، ولم يكن لهم بالمدينة مساكن ولا عشائر، وكانوا غير متزوجين، وكانوا يستغرقون أوقاتهم في الاشتغال بالقرآن والسنة والعبادة ليلاً والجهاد نهاراً، وكانوا يقفون أول صف في الصلاة الجهاد.

السابقالتالي
2