الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَبَشِّرِ ٱلَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـٰذَا ٱلَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَٰبِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ }

قوله: { وَبَشِّرِ } جرت عادة الله في كتابه أنه إذا ذكر ما يتعلق بالكافرين وأحوالهم وعاقبة أمرهم يذكر بلصقه ما يتعلق بالمؤمنين وأحوالهم وعاقبة أمرهم، فإن القرآن نزل لهذين الفريقين، والبشارة هي الخبر السار سمي الخبر بذلك لطلاقة البشرة والسرور عنده، والأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو للوجوب لأن البشارة من جملة ما أمر بتبليغه، ويحتمل أن الأمر عام له ولكل من تحمل شرعه كالعلماء. قوله: (أخبر) مشى المفسر على أن معنى البشارة الخبر مطلقاً لكن غلب في الخبر وضده على الندارة، وأما قوله تعالى:فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [آل عمران: 21] فمن باب التشبيه يجامع أن كلاً صادر من المولى وهو لا يتخلف. قوله: (صدقوا بالله) إنما على ذلك لأنه يلزم من التصديق بالله التصديق بما أخبر به على لسان رسله.

قوله: { ٱلصَّـٰلِحَٰتِ } وصف جرى مجرى الأسماء فلذلك صح إسناد العوامل له، فلا يقال إنه صفة لموصوف محذوف أي الأعمال الصالحات. قوله: (من الفروض) أي كالصلوات الخمس وصيام رمضان والحج في العمرة مرة وزكاة الأموال والجهاد إذا فجأ العدو، وقوله والنوافل أي كصلاة التطوع وصومه ومواساة الفقراء وغير ذلك من أنواع البر، والمراد عملوا الصالحات على حسب الطاقة قال تعالى:فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ } [التغابن: 16]. قوله: (أي بأن) أشار بذلك إلى حذف الجار وهو مطرد مع أن قال ابن مالك:
نقلاً وفي أن وأن يطرد   مع امن لبس كعجبت أن يدوا
قوله: { لَهُمْ جَنَّٰتٍ } جمع جنة واختلف في عددها فقيل أربع وهو ما يؤخذ من سورة الرحمن، وقيل سبع وعليه ابن عباس جنة عدن وجنة المأوى والفردوس ودار السلام ودار الجلال وجنة النعيم وجنة الخلد. قوله: (حدائق) جمع حديقة وهي الروضة الحسنة. قوله: (ذات أشجار ومساكن) أي موجودات فيها الآن ومع ذلك تقبل الزيادة، فالجنة تامة فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، ومع ذلك أرضها واسعة طيبة تقبل الزيادة. قوله: (أي تحت أشجارها) أي على وجه الأرض بقدرة الله فلا تبلي فرشاً ولا تهدم بناء ولا تقطع شجراً. قوله: { ٱلأَنْهَٰرُ } يحتمل أن تكون ال للعهد والمراد بها ما ذكر في سورة القتال بقوله تعالى:فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى } [محمد: 15]. قوله: (أي المياه فيها) أي الأنهار وأشار بذلك إلى أن في الجنة حفراً كأنهار الدنيا، وقيل لم يوجد في الجنة حفر تجري فيها المياه بل تجري على وجه الأرض. قوله: (والنهر الموضع) أي بحسب الأصل اللغوي. قوله: (وإسناد الجري إليه مجاز) أي عقلي أو الإسناد حقيقي، وإنما التجوز في الكلمة من إطلاق المحل وإرادة الحال فيه.

السابقالتالي
2