الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَٰعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَٱللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

قوله: { مَّن ذَا ٱلَّذِي } يحتمل أن من اسم استفهام مبتدأ وذا خبر والذي بدل منها ويقرض صلة الموصول لا محل لها من الأعراب، ويحتمل أن من ذا اسم استفهام مبتدأ والذي خبر ويقرض صلة الموصول. قوله: { يُقْرِضُ ٱللَّهَ } أي يسلفه وهذا من تنزلات المولى لعباده، حيث خاطبهم مخاطبة المحتاج المضطر، مع إنه غني عنهم رحمة بهم على حد كتب ربكم على نفسه الرحمة، وسماه هنا قرضاً وفي آية براءة بيعاً. وفي الحقيقة لا بيع ولا قرض لان الملك كله له، وحينئذ فليست مضاعفته على ذلك رباً لأنه لا تجري أحكام الربا بين السيد وعبده الحادثين لملكه له صورة، فأولى بين السيد المالك القديم وعبده الذليل الضعيف الذي لا يملك شيئاً أصلاً فمن إحسانه عليه خلق ونسب إليه. قوله: { قَرْضاً } مفعول مطلق لقوله: يقرض. قوله: (عن طيب قلب) أي لا رياء ولا سمعة بل ينفقه من حلال خالصاً لله.

قوله: { فَيُضَٰعِفَهُ } بالرفع والنصب والتشديد والتخفيف قراءات أربع سبعية، فالرفع عطف على يقرض، والنصب بأن مضمرة بعد فاء السببية في جواب الاستفهام. قوله: (كما سيأتي) أي في قوله تعالى:مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ } [البقرة: 261] الآية، وكثرة المضاعفة على حسب الاخلاص قال عليه الصلاة والسلام: " الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضاً من بعدي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ".

قوله: { وَٱللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ } هذا كدليل لما قبله، أي إن الإنفاق لا يقبض الرزق وعدمه لا يبسطه، بل القابض الباسط هو الله. قوله: (ابتلاء) أي اختباراً هل يبصرون ولا يشكون أم لا. قوله: (امتحاناً) أي هل يشكرون أم لا، فالمطلوب من الإنسان أن يكون كما قال الشاعر:
استغن ما أغناك ربك بالغنى   وإذا تصبك خصاصة فتحمل
فلا يشكو ربه في حال فقره، ولا يطغى في حال غناه، قال أهل الاشارات: في الآية إشارة خفية إلى أن القبض لا بد وأن يعقبه بسط بخلاف العكس. قوله: (فيجازيكم بأعمالكم) أي فيثيب المنفق ويعذب الممسك.