الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ ٱلْعَفْوَ كَذٰلِكَ يُبيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ }

قوله: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ } السائل عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل وجماعة من الصاحبة بقولهم: إن الخمر والميسر يضيعان العقل والمال فأفتنا فيهما، وحاصل ما وقع في الخمر في زمان رسول الله أنه نزل فيه أربع آيات: الأولى نزلت بمكة تدل على حله وهي قوله تعالى:وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً } [النحل: 67] ثم سأل عمر ومعاذ وجماعة النبي بالمدينة عن حكمه فنزل: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ } الآية، فشربها قوم لقوله: { وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ } وامتنع آخرون خوفاً من قوله: { فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ } ثم إن عبد الرحمن بن عوف صنع طعاماً لبعض أصحابه فأكلوا وشربوا الخمر، فحضرت صلاة المغرب فأمهم واحد منهم فقرأ قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون بإسقاط لا إلى آخر السورة فنزليَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَأَنْتُمْ سُكَٰرَىٰ } [النساء: 43] الآية، فحرمت في أوقات الصلاة دون غيرها، ثم إن عتبان بن مالك صنع طعاماً لجماعة من الصحابة وفيهم سعد بن أبي وقاص فأكلوا وشربوا الخمر فافتخروا وتناشدوا الشعر، فأنشد سعد قصيدة يمدح بها قومه ويهجو الانصار فشج رجل منهم رأسه، فرفع ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً فأنزل الله آية المائدة إلى قوله:فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ } [المائدة: 91] فقال عمر: انتهينا يا رب، فكان يوم نزولها عيداً عظيماً، والخمر كل مائغ غيب العقل ولو من غير ماء العنب وهو نجس وفيه الحد قليلاً أو كثيراً، بل بالغ بعض المالكية في الحديث أوجبه على من وضع إبرة فيه ومصها وبلع ريقه، والحاصل أن المتخذ من ماء العنب نجس يحرم قليله وكثيرة أسكر أم لا يحد شاربه بإجماع، وأما المتخذ من غيره من سائر المائعات التي دخلتها الشدة المطربة فكذلك عند الأئمة الثلاثة وبعض الحنفية، وقال بعضهم لا يحرم منه إلا القدر المسكر، وأما الجامد الذي يغيب العقل كالحشيشة والأفيون والبنج والداتورة فطاهر يحرم تعاطي القدر المغيب للعقل منه وفيه الأدب. قوله: (القمار) هو آلات الملاهي التي يلعب بها في نظير مال فيشمل الطاب والشطرنج والسيجة، وأما إن كان بغير مال ففيه خلاف، قيل كبيرة وقيل صغيرة وقيل مكروه. قوله: (أي في تعاطيهما) لا حاجة له بعد تقدير حكمهما. قوله: (بالمثلثة) أي كثير. قوله: (باللذة والفرح) أي القوة على الجماع والشجاعة والكرم. قوله: (إلى أن حرمتها آية المائدة) ظاهره أن آية المائدة نزلت بعد هذه الآية وليس كذلك بل بينهما آية النساء.

قوله: { وَيَسْأَلُونَكَ } السائل عمرو بن الجموح المتقدم، فسأل أولا عن جنس المال الذي ينفق منه وعلى من ينفقه، وسأل ثانياً عن القدر المنفق فلم يكن بين السؤالين تكرار، وتقدم الجواب عن الجمع بأنه لما كان ذلك السؤال ينفع جميع الناس فكأن السائل جمع الناس.

السابقالتالي
2