الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ أَنَّ ٱلْقُوَّةَ للَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ } * { إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }

قوله: { وَمِنَ ٱلنَّاسِ } هذه الآية ودرت لاستعظام ما وقع من بعض بني آدم من الكفر بعد ثبوت البراهين القطعية، كأن الله يقول: اعجبوا لكفر بعض العبيد مع ثبوت الآدلة على وحدانيته تعالى، والجار والمجرور خبر مقدم، ومن يتخذ مبتدأ مؤخر، وهو اسم موصول وما بعد صلته أو نكرة موصوفة وما بعده صفة، قوله: { مِن دُونِ ٱللَّهِ } هي في الأصل ظرف مكان للمكان الأدنى، يقال: جلس فلان في مكان دون مكان زيد يعني أدنى منه، ثم أطلق الدون، وأريد الغيرية من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم لكن صار حقيقة عرفية في الغير.

قوله: { أَندَاداً } مفعول يتخذ وقوله يحبونه صفة لأنداداً، وفاعل يحبونهم عائد على من باعتبار المعنى وأفرد في يتخذ مراعاة للفظ. قوله: (أي كحبهم له) أي كحب المشركين فقد سووا في المحبة بين الله والأنداد، ويحتمل أن المعنى كحب المؤمنين لله فمحبة المؤمنين لله فمحبة المشركين للأصنام كمحبة المؤمنين لله وهو الأقرب، واستشكل الأول بأنه لا يتأتى من عاقل التسوية في المحبة بين من يخلق ومن لا يخلق، أجاب المفسر بأن المراد بالحب التعظيم والخضوع وليس المراد الحب الحقيقي، فإن كل إنسان جبل على محبة خالقه. قوله: { أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ } أي فقد انفرد المؤمنون بمحبة الله، وأما محبة مثل الأنبياء والأولياء فمن المحبة لله، إن قلت إن الكفار كذلك يحبون الأنداد ليقربوهم إلى الله زلفى فيقتضي أنها أيضاً من المحبة لله. أجيب بأنهم كفروا بعبادتهم لهم لا بمجرد المحبة ففرق بين المحبة والعبادة، فلا يعبد إل الله لا غيره، بخلاف المحبة من أجل كون ذلك المحبوب مقرباً مثلاً من الله كالأنبياء والأولياء ولذلك من عبدهم فقد كفر. قوله: (لأنهم لا يعدلون عنه بحال) أي فهذا وجه الأشدية. وحاصل ما قرره المفسر أن المشركين سووا الأنداد في المحبة بالله، والمؤمنين انفردوا بمحبة الله، ومع ذلك فهي أشد من محبة المشركين للأنداد، وقرر غيره أن قوله تعالى: { أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ } أي من جهة أن المحبة من الطرفين، فالمؤمنون يحبون الله ويحبهم الله، وأما المشركون فلا يخلو إما أن يكون معبودهم عاقلاً أم لا فالأول يلعنهم ولا يحبهم، والثاني لا يوصف بحب ولا بغض على أنه يصير حصباً لهم في نار جهنم يعذبون به، فمبحة الله للعبد سابقة على محبة العبد لله، لأن الله هو الخالق للخير والهدى في القلوب، فحيث خلق الله في قلب الشخص النور والهدى والمحبة وفق العبد للرضا عنه ومحبته له وامتثاله أمره ونهيه، ولذا قال بعض العارفين:
أيها المعرض عنا   إن إعراضك منا
لو أردنا جعلنا   كل ما فيك يردنا

السابقالتالي
2 3