الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ فَأَجَآءَهَا ٱلْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ قَالَتْ يٰلَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً } * { فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً } * { وَهُزِّىۤ إِلَيْكِ بِجِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً } * { فَكُلِي وَٱشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلبَشَرِ أَحَداً فَقُولِيۤ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيّاً }

قوله: { فَأَجَآءَهَا ٱلْمَخَاضُ } أي ألجأها. قوله: (لتعتمد عليه) أي فاعتمدت عليه، وقيل حضنته وكان يابساً فاخضر وأثمر لوقته. قوله: (فولدت) أي ببيت لحم، فخافت عليه، فجاءت به إلى بيت المقدس، فوضعته على صخرة، فانخضت الصخرة له وصارت كالهمد، وهي الآن موجودة تزار بحرم بيت المقدس، ثم بعد أيام توجهت به إلى بحر الأردن فغمسته فيه، وهو اليوم الذي يتخذه النصارى عيداً ويسمونه يوم الغطاس، وهم يظنون أن المياه في ذلك اليوم تقدست، فلذلك يغطسون في كل ماء. قوله: (في ساعة) هو الصحيح، وقيل حملته في ساعة، وصور في ساعة، ووضعته في ساعة، وقيل كان مدة حملها تسعة أشهر، وقيل ثمانية أشهر، وقيل ستة أشهر، وسنها إذ ذاك عشر سنين، وقيل ثلاث عشرة سنة، وقيل ست عشرة سنة. قوله: { يٰلَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا } إنما تمنت الموت لئلا تقع المصيبة بمن تتكلم في شأنها بسوء، وإلا فهي راضية بما بشرت به. قوله: { وَكُنتُ نَسْياً } بكسر النون وفتحها قراءتان سبعيتان، وقوله: { مَّنسِيّاً } تأكيد لنسياً.

قوله: { فَنَادَاهَا } أي لما شق عليها الأمر وعلمت أنها تتهم، ولا بعد لعدم وجود بينة ظاهرة تشهد لها، قيل أول من علم بها يوسف النجار، وكان رفيقاً لها يخدمان المسجد، ولا يعلم من أهل زمانهما أحد أشد عبادة واجتهاداً منهما، فبقي متحيراً في أمرها، ثم قال لها: قد وقع في نفسي من أمرك شيء، وقد حرصت على كتمانه، فغلبني ذلك، فرأيت أن أتكلم به أشفي صدري، فقالت: قل قولاً جميلاً، قال: أخبريني يا مريم، هل ينبت زرع بغير بذر؟ فقالت: نعم، ألم تعلم أن الله أنبت الشجرة بالقدرة من غير بذر ولا غيث؟ أو تقول: إن الله تعالى لا يقدر أن ينبت الشجرة حتى استعان بالماء، ولولا ذلك لم يقدر على إنباتها؟ قال يوسف: لا أقول هذا، ولكني أقول: إن الله يقدر على ما يشاء، يقول له كن فيكون، قالت مريم: ألم تعلم أن الله تعالى خلق آدم وامرأته من غير ذكر ولا أنثى، فعند ذلك زال ما في نفسه من التهمة، كان ينوب عنها في خدمة المسجد مدة نفاسها.

قوله: { مِن تَحْتِهَآ } بفتح الميم وكسرها قراءتان سبعيتان، فعلى الأولى الفاعل هو الموصول وتحتها صلته، وعلى الثانية الفاعل ضمير مستتر، والجار والمجرور متعلق بنادي. قوله: (أي جبريل) تفسير لمن على الفتح، والضمير المستتر في نادى على الكسر، وقيل المنادي لها عيسى، ومعنى كونه تحتها أسفل ثيابها، وحينئذ فيكون قوله: { أَلاَّ تَحْزَنِي } إلى قوله: { فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيّاً } أول كلام عيسى. قوله: (وكان أسفل منها) أي كان جبريل في مكان أسفل من مريم.

السابقالتالي
2