الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً } * { وَأَمَّا ٱلْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً } * { فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَـاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً }

قوله: { أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ } شروع في وفاء ما وعد الخضر به موسى، على سبيل اللف والنشر المرتب، والسفينة تجمع على سفين وسفائن، ويجمع السفين على سفن بضمتين مأخوذة من السفن، كأنها تسفن الماء أي تقشره، وصاحبها سفان. قوله: { لِمَسَاكِينَ } (عشرة) أي وكانوا إخوة ورثوها عن أبيهم، خمسة زمنى، وخمسة يعملون في البحر، وقيل بكل واحد زمانه ليست بالآخر، فأما العمال منهم: فأحدهم مجذوم، والثاني أعور، والثالث أعرج، والرابع آدر، والخامس محموم لا تنقطع عنه الحمى الدهر كله وهو أصغرهم. والخمسة الذين لا يطيقون العمل: أعمى، وأصم، وأخرس، ومقعد، ومجنون، وكان البحر الذين يعملون فيه، ما بين فاس إلى الروم.

قوله: { فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا } أي فإذا رآها الملك معيبة تركها، فإذا جاوزوه أصلحوها وانتفعوا بها. قوله: { وَكَانَ وَرَآءَهُم } الجملة حالية على إضمار قد. قوله: (إذ رجعوا) من المعلوم أنه إذا كان وراءهم وقت رجوعهم. فبالضرورة يكون في حال توجههم أمامهم، فقد اتحد هذا القول مع ما بعده. وقد يجاب: بأن قوله: { وَكَانَ وَرَآءَهُم } أي في حال توجههم، لكنهم في حال رجوعهم يمرون عليه. وحينئذ فلا يكون أمامهم الآن، أي ووراء بمعنى أمام، قال تعالى:مِّن وَرَآئِهِمْ جَهَنَّمُ } [الجاثية: 10] قوله: { مَّلِكٌ } (كافر) أي وكان ملك غسان واسمه جيسور. قوله: (صالحة) أي صحيحة. قوله: { فَخَشِينَآ } أي أن الله أعلم الخضر بوقوع ذلك من الغلام إن لم يقتله. قوله: { أَن يُرْهِقَهُمَا } أي يكلفهما ويوقعهما في الكفر. قوله: (طبع كافراً) أي خلق مجبولاً على الكفر، وحينئذ فيكون مستثنى من حديث " كل مولود يولد على فطرة الإسلام ". قوله: (لمحبتهما له) علة لإيقاعه لهما في الكفر. قوله: (بالتشديد والتخفيف) قراءتان سبعيتان.

قوله: { خَيْراً مِّنْهُ } اسم التفضيل ليس على بابه، إذ لم يكن في الغلام خير أو على بابه باعتبار زعمهما. قوله: { زَكَـاةً } تمييز، وكذا قوله: { رُحْماً }. قوله: (جارية) أي بنتاً. قوله: (فولدت نبياً) وقيل اثني عشر نبياً، وقيل ولدت سبعين نبياً، وما فعله الخضر من قتل الغلام، إنما هو جار على شرعه لا على شرعنا، فإنه لا يجوز قتل الصبيان الكفار، إلا أن يقاتلوا بالسلاح في الحرب، ولو اطلع شخص على ما اطلع عليه الخضر، فلا يجوز له قتل الغلمان، وقد أرسل بعض الخوارج لابن عياض يسأله: كيف قتل الخضر الغلام الصغير، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل أولاد الكفار، فضلاً عن أولاد المؤمنين؟ فكتب إليه على سبيل المجاراة والتسليم لدعواه: إن علمت من حال الولدان أن ما علمه علم موسى فلك أن تقتلهم. وروي أن موسى لما قال للخضر:أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً } [الكهف: 74] الآية؟ غضب الخضر، واقتلع كتف الصبي الأيسر وقشر اللحم عنه، وإذا فيه مكتوب: كافر لا يؤمن بالله أبداً.