الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَكَذٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَـٰذِهِ إِلَىٰ ٱلْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىٰ طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً } * { إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوۤاْ إِذاً أَبَداً } * { وَكَذٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوۤاْ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُواْ ٱبْنُواْ عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِداً }

قوله: { لِيَتَسَآءَلُوا } اللام للسببية أو للعاقبة والصيرورة.

قوله: { قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ } أي واحد منهم وهو كبيرهم ورئيسهم مكسلمينا. قوله: { كَم لَبِثْتُمْ } { كَم } منصوبة على الظرفية ومميزها محذوف تقديره كم يوماً. قوله: { أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } أو للشك منهم لترددهم في غروب الشمس وعدمه. قوله: (لأنهم دخلوا الكهف) الخ، ظاهره أنهم ناموا في يوم دخولهم، وتقدم أنهم مكثوا مدة في الكهف قبل نومهم، يتعبدون ويأكلون ويشربون، فكان المناسب أن يقول: لأنهم ناموا طلوع الشمس الخ.

قوله: { قَالُواْ } أي بعضهم لبعض. قوله: (متوقفين في ذلك) أي في قدر مدة لبثهم. قوله: { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ } هذا تفويض منهم لأمر الله احتياطاً وحسن أدب. قوله: { فَٱبْعَثُواْ } أي أرسلوا. قوله: { أَحَدَكُمْ } أي وهو تمليخا. قوله: { بِوَرِقِكُمْ } قيل الورق الفضة المضروبة، وقيل الفضة مطلقاً، وتحذف فاء الكلمة فيقال رقة. قوله: (بسكون الراء وكسرها) سبعيتان قوله: { هَـٰذِهِ } أي الدراهم التي كانت معهم من بيوت آبائهم، فإنهم انفقوا بعضها قبل نومهم، وبقي بعضها معهم، فوضعوه عند رؤوسهم حين ناموا، وكان عليها اسم ملكهم دقيانوس، وكان الواحد منها قدر خف ولد الناقة الصغير. قوله: (الآن) أي في الإسلام، وأما في الجاهلية فكانت تسمى أفسوس، وقيل أفسوس من أعمال طرطوس. قوله: (أحل) أي أحل ذبيحته لأنهم كان منهم من يذبح للطواغيت، وكان فيه قوم يخفون إيمانهم، فطلبوا أن يكون طعامهم من ذبيحة المؤمنين.

قوله: { وَلْيَتَلَطَّفْ } أي يترفق في ذهابه ورجوعه لئلا يعرف. قوله: { وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً } أي لا يفعلن ما يؤدي إلى شعور أحد بكم. قوله: { إِنَّهُمْ } أي أهل المدينة. قوله: { إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ } أي يغلبوكم ويطلعوا عليكم. قوله: { أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ } أي يصيروكم إليها. قوله: { وَلَن تُفْلِحُوۤاْ إِذاً أَبَداً } أي لن تظفروا بمطلوبكم لو وقع منكم ذلك ولو كرهاً. إن قلت: كيف أثبتوا عدم الفلاح بالعود في ملتهم، مع الإكراه المستفاد من قوله: { إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ } الخ، مع أن المكره غير مؤاخذ بما أكره عليه؟ أجيب: بأن هذا مخصوص بشريعتنا، وأما من قبلنا، فكانوا يؤاخذون بالإكراه بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: " رفع عن أمتي الخطأ والنسان وما استكرهوا عليه ".

قوله: { وَكَذٰلِكَ } أي كما أنمناهم وبعثناهم. قوله: (قومهم والمؤمنين) قدر ذلك إشارة إلى أن مفعول { أَعْثَرْنَا } محذوف. قوله: (أي قومهم) أي ذرية قومهم، لأن قومهم قد انقرضوا قوله: (بلا غذاء) أي قوت. قوله: { وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ } أي القيامة. قوله: (معمول لأعثرنا) المناسب جعله ظرفاً لمحذوف تقديره اذكر، أو لقوله: { قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ }. قوله: (أي المؤمنون والكفار) أي فقال المؤمنون: نبني عليهم مسجداً يصلي فيه الناس لأنهم على ديننا، وقال الكفار: نبني عليهم بيعة لأنهم من أهل ملتنا.

قوله: { رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ } يحتمل أن يكون من كلام الله، أو من كلام المتنازعين. قوله: (وهم المؤمنون) أي الذين كانوا في زمن الملك بيدروس الرجل الصالح. قوله: (وفعل ذلك على باب الكهف) أي وبقي ظهر الكهف منفتحاً كما تقدم. قوله: (أي المتنازعون) أي وهم النصارى والمؤمنون.