الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَا ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ }

قوله: { سُبْحَانَ } هو في الأصل مصدر سماعي لسبح المشدد، أو اسم مصدر له، صم صار علماً على التنزيه، أي وعلى كل، فهو مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره أسبح، فالمقصود منه إما التنزيه فقط، أي تنزيه من هذا وصفه عن كل نقص، لأن هذه معجزة لم تسبق لغيره صلى الله عليه وسلم، أو المقصود التعجب فقط، على حد سبحان الله، المؤمن لا ينجس، أي عجباً لباهر قدرة فاعل هذا الفعل وكماله، أو التنزيه مع التعجب، كأنه قال: عجباً لتنزيه الله تعالى عن كل نقص، حيث صدر منه هذا الفعل العجيب الخارق للعادة.

قوله: { ٱلَّذِى } اسم موصول مضاف لسبحان، والموصول وإن كان مبهماً، إلا أنه تميز بالصلة، فإن هذه الصلة ليست لغيره تعالى، سيما مع تصدير الجملة بالتسبيح الذي هو مختص بالله قوله: { أَسْرَىٰ } هو وسرى فعل لازم، بمعنى سار في الليل، فالهمزة ليست للتعدية إلى المفعول. قوله: { بِعَبْدِهِ } لم يقل بنبيه ولا برسوله، إشارة إلى أن وصف العبودية، أخص الأوصاف وأشرفها، لأنه إذا صحت نسبة العبد لربه، بحيث لا يشرك به في عبادته له أحداً، فقد فاز وسعد، ولذا ذكره الله في المقامات الشريفة كما هنا، وفي مقام الوحي قال تعالى:فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ } [النجم: 10] وفي مقام الدعوة قال تعالى، وأنه لما قام عبدالله يدعوه الخ، ولذا قال القاضي عياض:

ومما زادني شرفاً وتيهاً   وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي   وأن صيرت أحمد لي نبياً
وهناك وجه آخر، وهو خلاف ضلال أمته به، كما ضلت أمة عيسى به حيث قالوا: ابن الله، وقوله: { بِعَبْدِهِ } أي بروحه وجسمه على الصحيح، خلافاً لمن قال: إن الإسراء بالروح فقط، ونقل عن عائشة وهو مردود، بأنها كانت حديثه السن إذ ذاك، ولم تكن في عصمته صلى الله عليه وسلم. قوله: (محمد) إنما لم يصرح به لعلمه من السياق، ومن سبب النزول. قوله: (وفائدة ذكره) أي مع علمه من ذكر الإسراء. قوله: (إلى تقليل مدته) أي فقيل قدر أربع ساعات، وقيل ثلاث، وقيل قدر لحظة، قال السبكي في تائيته: وعدت وكل الأمر في قدر لحظة.

قوله: { مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } { مِّنَ } لابتداء الغاية. قوله: (أي مكة) إنما فسره بذلك، ليصدق بكل من القولين وهما: هل كان مضطجعاً في المسجد، أو في بيت أم هانىء وفي الحقيقة لا تخالف، لأنه على القول بأنه كان في بيت أم هانىء، ولقد احتملته الملائكة، وجاؤوا به إلى المسجد، وشقوا صدره هناك، ثم أتوا له بالبراق بعد ذلك، فلم يحصل الإسراء إلا من المسجد، فالأولى للمفسر، أن يبقي الآية على ظاهرها، وكان المسجد إذ ذاك بقدر المطاف، ثم وسعه الملوك.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7