الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { فَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرْآنَ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ } * { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }

قوله: { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً } { مَنْ } اسم شرط مبتدأ، و { عَمِلَ } فعل الشرط، قوله: { فَلَنُحْيِيَنَّهُ } جوابه. قوله: (قيل هي حياة الجنة) هذا القول لمجاهد وقتادة، ورواه عوف عن الحسن وقال: لا يطيب لأحد الحياة إلا في الجنة، لأنها حياة بلا موت، وغنى بلا فقر، وصحة بلا سقم، وملك بلا هلاك، وسعادة بلا شقاوة. قوله: (وقيل في الدنيا بالقناعة) هذا القول للحسن، قوله: (أو الرزق الحلال) هو لسعيد بن جبير وعطاء وزيد، على ما ذكره المفسر ما قيل هي حلاوة الطاعة، وقيل رزق يوم بيوم، وقيل الحياة الطيبة تحصل في القبر، لأن المؤمن يستريح بالموت من نكد الدنيا وتعبها، وقيل ما هو أعم، فالحياة الطيبة في الدنيا بالتوفيق للطاعة والرزق الحلال، وفي القبر بالراحة من النكد والتعب، وفي الجنة بالنعيم المقيم.

قوله: { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي في الجنة، واستفيد من هذا، أن الحياة الطيبة ليست هي الجزاء، لأنه قد قيل بأنها تكون في الدنيا أو القبر، وليس النعيم في ذلك بجزاء، بل الجزاء ما كان في الآخرة بالجنة وما فيها. قوله: { فَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرْآنَ } حكمة التفريع على ما تقدم، أن قراءة القرآن من أفضل الأعمال، فطلب بالاستعاذة عند قراءته، ليحفظ من الضياع المترتب على الوساوس الشيطانية، والمعنى إذا علمت مما تقدم، أن عظم الجزاء محاسن الأعمال، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم. عند قراءة القرآن، الذي هو أحسن الأعمال وأزكاها. قوله: (أي أردت قراءته) أشار بذلك إلى أن الأمر بالاستعاذة قبل القراءة، وإليه ذهب أكثر الفقهاء والمحدثين، ووجهه أن الاستعاذة تذهب الوسوسة، فتقديمها أولى، وذهب الأقل إلى إبقاء الآية على ظاهرها، وأن الأمر بالاستعاذة بعد تمام القراءة، ووجه بأن القارىء يستحق الثواب العظيم على قراءته، وربما حصلت له الوسوسة في قلبه، هل حصل له ذلك أم لا؟ فأمر بالاستعاذة لتذهب تلك الوسوسة، ويبقى الثواب خالصاً، لأن التردد في صدق الوعد بالثواب من أسباب منعه.

قوله: { فَٱسْتَعِذْ } السين والتاء للطلب، أي اطلب من الله التعوذ والتحصن من شره، والأمر للاستحباب، وظاهر الآية، أن الاستعاذة مطلوبة عند قراءة القرآن مطلقاً في الصلاة وغيرها، وأنه أخذ الشافعي ووافقه مالك في النفل، وكره الاستعاذة في صلاة الفرض، لدليل أخذه من السنة. قوله: (أي قل أعوذ بالله) الخ، هذا بيان للأفضل، وإلا فامتثال الأمر يحصل بأي صيغة كانت، وعن ابن مسعود رضي الله عنه: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم، فقال: قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، هكذا أقرأنيه جبريل عن القلم عن اللوح المحفوظ وأراد بالقلم الذي نسخ به من اللوح المحفوظ، ونزل به جبريل دفعة إلى سماء الدنيا، وليس المراد به القلم الذي كتب في اللوح المحفوظ، فإنه مقدم الرتبة على اللوح. قوله: { مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ } هو من شطن إذا بعد، أو من شاط إذا احترق، والرجيم بمعنى المرجوم أي المطرود عن رحمة الله.

قوله: { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ } تعليل لمحذوف، والتقدير فإذا استعذت بالله كفيت شره، ودخلت في أمان الله لأنه الخ. قوله: (تسلط) أي استيلاء وقهر.