الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هٰذِهِ ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ ٱلْمُتَّقِينَ }

قوله: { وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ } مقابل قوله:وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [النحل: 24] والقائل وفود العرب القادمين على مكة للبحث عن حال القرآن وحال محمد، فكانوا إذا صادفوا المسلمين سألوهم وقالوا لهم { مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً } ، وإذا صادفوا الكفار سألوهم. قوله:مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [النحل: 24] فكل إناء بالذي فيه ينضح. قوله: { مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ } { مَاذَا } بتمامها اسم استفهام مفعول مقدم لأنزل، وحينئذ فتكون الجملة فعلية، وهو أنسب ليطابق الجواب السؤال، فإن الجواب جملة فعلية أيضاً، لأن { خَيْراً } مفعول بفعل محذوف، تقديره أنزل خيراً، بخلاف ما تقدم، فإن ما اسم استفهام، وذا اسم موصول، و { أَنْزَلَ } صلته، فالجملة اسمية لمطابقة الجواب، فإنه مرفوع باتفاق السبع، وما هنا منصوب باتفاق السبع، والحكمة في رفع الأول ونصب الثاني، الفرق بين جواب المقر، حيث طابق بين السؤال والجواب، فجعلهما من جنس واحد، وجواب الجاحد حيث عدل عن السؤال فقال: هو أساطير الأولين، وليس من الإنزال في شيء.

قوله: { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ } هذا بيان لقوله: { خَيْراً } كأنهم قالوا: أنزل ربنا من أحسن في الدنيا بالطاعة، فله حسنة في الدنيا، وحسنة في الآخرة. قوله: (حياة طيبة) أي وهي تختلف باختلاف الاقبال على الله وعدمه، فكلما زاد العبد في الاقبال على ربه طابت حياته، فيزداد ترقياً في القرب والمحبة والعلوم والمعارف والمشاهدة، وغير ذلك من الكرامات التي تحصل له في الدنيا، وما خفي كان أعظم، قال تعالىلَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ } [يونس: 64].

قوله: { وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ } اللام موطئة لقسم محذوف، أو للابتداء مؤكدة. قوله: { خَيْرٌ } (من الدنيا وما فيها) أي ولو حصل له في الدنيا، غاية الرفعة والعز واسم التفضيل على بابه، إن أعطي العبد النعيم في الجنة، وليس على بابه إن لم يكن من أهل الجنة، إذ لا خير في لذة بعدها النار، بل كل من عظم تنعيمه في الدنيا، ولم يكن مرضياً عليه، فتنعيمه زيادة في عذابه، قال تعالى:يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ } [التوبة: 35]. وقال تعالى:ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } [التكاثر: 8]. قوله: (قال تعالى) إنما قال ذلك، إشارة إلى أن جواب المؤمنين تم بقوله: { وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ } ، وقوله: { وَلَنِعْمَ دَارُ ٱلْمُتَّقِينَ } ثناء ومدح من الله لدار الآخرة التي هي خير. قوله: (هي) قدره إشارة إلى أن المخصوص بالمدح محذوف.