الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ وَجَٰدِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ }

قوله: { ٱدْعُ } فعل أمر، وفاعله مستتر وجوباً تقديره أنت، ومفعوله محذوف قدره المفسر بقوله: (الناس) وفي هذه إشارة إلى أن بعثته عامة، وعبر بالناس وإن كان داعياً للجن أيضاً، باعتبار ما ظهر لنا فقط. قوله: (دينه) سمي الدين سبيلاً، لأنه الموصل لدار السعادة الأبدية، والسعادة السرمدية. قوله: (بالقرآن) أي وسمي حكمة، لأنها العلم النافع.

قوله: { وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ } عطف خاص على عام، لأن القرآن مشتمل على مواعظ وغيرها، والمراد بالموعظة الحسنة الترغيب والترهيب، والحكمة في ذكر الموعظة الحسنة، التشويق للعبادة والنشاط لها، وسهولة العبد عن المخالفات، لما في الحديث " كان صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة أحياناً، مخافة السآمة علينا " أي يخلل كلامع بالترغيب والترهيب في بعض الأحيان، لئلا يحصل لنا الملل من توالي الأمر والنهي، وتتابعهما من غير تخللهما بشيء يروح النفوس ويشوقها، ويحثها على فعل الطاعات واجتناب المنهيات. قوله: (أو القول الرفيق) تفسير ثان للموعظة الحسنة، والمراد بالقول الرفيق، الألفاظ التي فيها اللين والرفق كقوله تعالى:قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ } [الشورى: 23] وقوله تعالى حكاية عن مؤمن آل فرعونوَيٰقَوْمِ مَا لِيۤ أَدْعُوكُـمْ إِلَى ٱلنَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِيۤ إِلَى ٱلنَّارِ } [غافر: 41] الآيات.

قوله: { بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أي ليترتب على ذلك حصول الفائدة لهم، والانقياد للطريق القويم. قوله: (بآياته) أي كقصة إبراهيم مع قومه، حيث قال لهم حين جن عليه الليل ورأى كوكباًرَأَى كَوْكَباً } [الأنعام: 76] الخ. قوله: (والدعاء إلى حججه) أي براهينه ودلائله، قال تعالى:قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [يونس: 101] الآية. قوله: (أي عالم) أشار بذلك إلى أن اسم التفضيل ليس على بابه، ودفع بذلك ما يقال إن اسم التفضيل يقتضي المشاركة، مع أن صفات الله قديمة، لا مشارك له فيها. قوله: { بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ } أي حاد وزاغ عنه.

قوله: { وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } حكمة التعبير في جانب أهل الهدى بصيغة الاسم، وفي جانب أهل الضلال بالفعل، الإشارة إلى أن أهل الهدى، استمروا على الفطرة الأصلية، وأهل الضلال غيروا تلك الفطرة وبدلوها بأحداث الضلال. إن قلت: قوله تعالى:إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ * إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [العصر: 2-3] الخ، يقتضي أن الأصل في الإنسان، الضلال والهدى طارىء عليه. أجيب: بأنه محمول على العالم الجسماني، أي أن الأصل في الإنسان، باعتبار عالم الأجساد الخسران والضلال، والهدى طارىء ببعثه الرسل، وما في هذه الآية محمول على عالم الأرواح، وهو الأصيل، لأن الله لما خاطب الأرواح في عالم الذر وقال لهم: ألست بربكم؟ قالوا جميعاً: بلى، فالمهتدي في عالم الأجساد استصحب ذلك الأصل، ومن ضل في عالم الأجساد، فقد نسي ذلك العهد، وتبع شهوات نفسه.

السابقالتالي
2